وسائط

الدائرةِ المُغلقةِ

عصام عبد المحسن

جالسٌ أنا
في الدائرةِ المُغلقةِ
مُتأمِّلا
تلكَ الشمسَ التي غابتْ مَرَّةً
فوَلَّى جَدِّي وجهَهُ عنها
وأَشعلَ في السماءِ نارًا
تُضيءُ طريقًا وحيدًا
لآخرِ خَيطٍ ليليٍّ
انسلخَ هناكَ مِن عُيونِ حبيبتي
وعَبرَ خلفَ كلِّ حُدودِ أنفاسِي
وسَكنَ
حيثُ القلوبُ حِجارةٌ
والبُيوتُ خِيامٌ
والخيالاتُ طِينٌ
وثمَّةَ نَقشٌ غائرٌ
فوقَ جَبينِ الحياةِ
أتلمَّسُهُ بأصابعي الآنَ
فوقَ الجُدارانِ الصامتةِ
الكئيبةِ اللونِ
تلكَ التي تتخبَّطُني
في جَفاءِ شديدٍ
وأنا أُقاومُها
بلامُبالاةٍ شديدةٍ
ثمَّ أبحثُ بينَ حُطامِ أيَّامي
عن شِقِّي القَمرِ
إذ باعدَ بينَهما
جِذعُ شَجرةٍ
وقد أفزعتْهُ النقراتُ المُتتاليةُ
فوقَ رُؤوسِ المَساميرِ
لأولئكَ الذين حاولوا بها
تثبيتَ الموتِ فوقَ جسدي المُعلَّقِ
على مَشارفِ الطريقِ
و حولَ رأسي العاليةِ
كانت كلُّ الطيورِ
تحوِّمُ
كان أوَّلُها
الغُرابُ
والطيورُ الأربعةِ بعدَهُ
ثُمَّ جاءَ هُدهدٌ
وحَمامتانِ
بينما عَمودُ الضوءِ الهابطِ
مِن عُيونِ الملائكةِ يلفُّني
أثناءَ هُبوطِهِ
إذ أنَّ هُبوطَهُ
كانَ ينخرُ قلبَ الأرضِ
يُفيقُها
وهي أبدًا
لا تَستفيقُ
وكأنَّهُ كَهفٌ عتيقٌ
يُغلَقُ فوقَنا
وأنا جالسٌ
أُديرُ الكونَ
بدَورانِ رأسي
فإذا ببُقعةِ نورٍ قادمةٍ
تُزيغُ عيني
بوَهجِ الضوءِ
فيختفي جِذعُ الشجرةِ
والدائرةُ تتسِعُ
تنفرجُ عن آخرِها
فأخرجُ
وكُلِّي مُشتاقٌ لاحتضانِ حَبيبتي
تلك الغائبةِ
مُنذُ لحظةِ الهُبوطْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى