قصة

الثمن

علي الكاتب

سارا معا جنبا إلى جنب و يد صاحبه تمتد إليه بطعامه المفضل ، فيما كانت يده الأخرى تربت ، من حين لأخر ، على رأسه و رقبته بحنان ظاهر . شعر بالسعادة لهذا الحب . كم هو جميل حب بني البشر هذا ! وتساءل في نفسه : ماذا يمكنه أن يقدم مقابل هذا الحب ؟! . سارا بصمت وراح يفكر و هو يلوك طعامه.. لو إن المخلوقات الأخرى حذت حذو البشر و تخلت عن بدائيتها و طباعها الشرسة و توقفت عن إيذاء بعضها فكيف سيكون العالم ؟! فردوسا جميلا بلا شك . كان في قمة السعادة .. أخيرا انعطفا إلى جانب وسارا بضع خطوات ، وها هما يدخلان بناية .كانت تنبعث من داخل البناية روائح غريبة كريهة لم يأبه لها و لم يأبه أيضا إلى النصال التي تلمع في أحزمة بعض الرجال. أثار استغرابه ، حين دلفا الى الداخل ، أن يرى في فناء البناية عددا غير قليل من فروات بني جنسه ألصوفيه ملقاة على الأرض و تساءل : لم خلعوا فرواتهم ؟ و أين ذهبوا ؟ من المؤكد إنهم في الداخل يأخذون حماما باردا يلطف حرارة أجسامهم و ربما هم الآن منهمكون في اختيار أردية صيفية خفيفة زاهية الألوان ! آه كم أتوق لخلع هذا الرداء الصوفي الثقيل و أن أحظى بحمام بارد ! يا لقلب الإنسان.. ما أطيبه وارقه !.. يفعل كل شيء من اجلنا و دون مقابل ! كنت اشعر منذ خرجنا ، قال لنفسه ، إن صمت صاحبي يخبئ لي مفاجأة سارة ! آه ليتني أستطيع أن أرد له و لو بعض هذه الطيبة … و لكن ، مالي لا أرى أحدا يخرج من الحمام ؟! و ما لي لا أسمع أصواتهم ؟! تساءل في نفسه ، ولما لم يجد جوابا رفع رأسه إلى أعلى عله يجد جوابا عند صاحبه لكنه لم يجد صاحبه ! و حين استدار ليبحث عنه انقضت عليه قبضتين قويتين تمسكانه من رقبته و ظهره و تحملانه إلى أعلى فيرى وجها متجهما قاسيا لا يعبأ بتساؤلاته و لا بتوسلاته و هو يدخل به إلى القاعة المجاورة . كانت صرخات استغاثته عالية تصم ألآذان لكن آذان بني البشر لا تسمعها أبدا !

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى