دراسات و مقالات

الأسطورة في الشعر والأدب العربي المعاصر

بركات الساير العنزي

دخلت الأسطورة الأدب العربي الحديث وخاصة في الشعر ، وفي الأسطورة دلالات رمزية وتاريخية يدخل فيها الخرافة والرمز والملاحم وعالم الميثيولوجيا. وقد ذكر الشعراء أسماء كثيرة عربية واجنبية ، مثل شهر زاد وشهر يار، وعنترة والزير سالم ، وكليب ، وسيف بن ذي يزن ،ووضاح اليمن وبلقيس واخيل وهيلانة وغير ذلك .وهذه الرموز مستوحاة من اليمن والكنعانيين والآراميين والإغريق والفراعنة وغيرهم .وربما استفاد الشاعر من الرموز الخرافية والملحمية للتعبير عن فكرة أو رأي . وهروبا من الواقع والمسؤولية .

….لقد بحث جلجامش كثيرا عن نبتة الحياة المقدسة. لتعطيه الخلود الأبدي له ولقومه، وعندما وجدها سرقت الافعى تلك النبتة منه. تعتبر ملحمة جلجامش السومرية أقدم ملحمة شعرية كتبها الإنسان . وهي أقدم من الألياذة والاوديسا. . ….والسندباد اخذ دورا كبيرا في رموز الشعراء ، حيث رافقهم في رحلاتهم كالشاعر خليل حاوي الذي ذهب إلى لندن وكتب قصيدة من أجمل قصائده وهي “السندباد في رحلته الثامنة” ومن مقاطع القصيدة:

رحلاتيَ السبعُ وما كنَّزتهُ من نعمةِ الرحمن والتجارَةْ. يومَ صرعتُ الغولَ والشيطانَ .
يومَ انشقَّت الأكفانُ عن جسمي. ولاحَ الشقُّ في المغارةْ .رَويتُ ما يروونَ عنِّي. عادةً كتمتُ ما تعيا له العبارةْ ولم أزلْ أمضي وأمضي خلفَهُ أحسُّه عندي ولا أعيهِ .

وناتي قصة السندباد في الليلة الثامنة والخمسين من قصص شهرزاد للتاجر المسافر المغامرالذي يبحث عن المال في كل مكان ويلاقي الأهوال والصعاب .
…. وقصة ألف ليلة وليلة ،من الرموز الكبيرة التي سادت في القصص العربية والشعرالعربي، شهريار الملك، وشهر زاد بطلا قصة ألف ليلة وليلة ،وكلمة شهریار أصلها شهر دار، أي مالك المدینة، وأما كلمة شهرزاد فتعني مولود في المدینة ،كان شهر يار يقتل كل امرأة يتزوجها، حتى جاءته شهر زاد وبقيت تقص عليه القصص كل يوم حتى طلوع الشمس ،وتترك باقي القصة لليوم الثاني ، وترك الملك عادته ، وأصبحت قصة ألف ليلة وليلة ملهمة للشعراء والادباء والكتاب .و للشاعر رزوق فرج حكاية مع عاشقة الشمس ( البصرة ). يتطرق فيها الى شهريار قائلا : و انت يا عاشقة الشمس ،،،،،،يا قصة لم ترويها شهرزاد لشهريار و ليالي السهاد ،،عبر الليالي الالف بالأمس ورمز انثوي عربي كبير ،له دوره في الادب إنها زرقاء اليمامة ، التي أنذرت قومها بغزو قادم ولم يأخذوا بقولها وكانت ترى على بعد مسافة عدة أيام .قال فيها الشاعر عبد الامير الحصري :
و كل إرهاف سمع في نقائهما ،، طاف أعين فتاة الحي أذناك …..ورمز أدونيس هو أحد ألقاب الآلهة في اللغة الكنعانية – الفينيقية، فالكلمة أدون تحمل معنى سيد أو إله بالكنعانية مضاف إليها السين (التذكير باليونانية). وهو معشوق الإلهة عشتار انتقلت أسطورة أدونيس من الحضارة والثقافة الكنعانية للثقافة اليونانية القديمة . جسد ادونيس الربيع والإخصاب لدى الكنعانين والإغريق. وكان يصور كشاب رائع الجمال…..
…وعشتارمن الرموز التي تستخدم كثيرا خاصة عند الشعراء العراقيين ، وهي الهة الحب عند البابلين ،وتعني نجمة الصبح في العرية . والإغريق يسمونه أفروديت . يقول السياب : :
و حين تنفست عند انحسار الليل عشتار. تنفض جرح تموز المدمى تغسل التربا. ….اما نرسيس الذي عشق نفسه عندما رأى وجهه في بحيرة الماء . ومن شدة عشقه لنفسه نسي أن يأكل أو يشرب حتى مات . النرجسية وعشق الذات ، كثيرا ماظهر هذا الرمز في أدبنا العربي . وتقول الخرافة إن زهرة نبتت في مكان موته على البحيرة ، وسميت نرجس. وأصبحت النرجسية حب الذات ، وعشق النفس . ….كما لعبت الالياذة والأوديسا دورا كبيرا في الأساطير والرموز الشعرية. ودخلت منها أسماء كثيرة رافقت حروب طروادة وكتب أحداثها الشاعر هوميروس ، بعشرة آلاف بيت . ومن هذه الأسماء ،: أبطال الإلياذة ، هيلين زوجة مينلاوس، وباريس بن مريام، وأخيل، وهيكتور، وأجامنون، وبريام ملك طروادة. أبطال الأوديسة: أوليس، وبينلوب، وتلماخيوس أو تلماك. إن “الإلياذة والأوديسا”ملحمة شعرية تعود إلى القرن التاسع أو الثامن قبل الميلاد .وتروي أحداث حروب طروادة . وافروديت التي كانت أجمل ثلاث نساء، وعدت باريس بأن يتزوج بأحلى امرأة في العالم، فحكم لها باريس بأنها اجمل النساء الثلاثة . فحصلت على التفاحة الذهبية .وأوصلته إلى زوجة ملك اسبارطة وقام باريس بخطفها إلى طروادة فغضب الإغريقيون وقامت حروب طروادة .
….وسيزبف رمز يدل على العذاب الدائم ، فقد حكمت الآلهة على سيزيف بان يحمل حجرا ويصعد به الجبل ، ويتدحرج الحجر بعد الصعود وهكذا يبقى إلى آخر الدنيا .وأصبح رمزا ملهما للشعراء للعذاب الدائم . رمز الاسطوري سيزيف : ينسب اليه المحال و القوة. و كان الشاعر رشدي العامل من أكثر الشعراء تأكيدا على هذا الرمز ، فعندما يسقط سيزيف يكون كل شيء قد رحل معه إلى الأبد .

الموت خدرناه يا سيزيف فاعبر دون قبره الموت قطرناه يا سيزيف في شفتيك خمرا سيزيف قمطناك مولودا ،،و ارضعناك طفلا.
وهكذا نجد رموزا كثيرة دخلت في الأدب العربي والشعر، وكانت تعبر عن ذات الأديب وهمومه وآرائه ، والرمز الأسطورة عند الأدباء هروب من مواجهة الظلم ونقد لاذع أحيانا للمجتمع والحاكم ، فكان الرمز الأسطوري خير تعبير في محاكاة الواقع . وحفل الشعر الرومانسي والرمزي بكثير من رموز التاريخ والأسطورة والخرافة .

من كتاب ومضات في النحو والبلاغة والأدب

No photo description available.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى