دراسات و مقالات

أنا غبت عني — ابنة الجنوب الشاعرة اللبنانية أسيل سقلاوي

السعيد عبد العاطي مبارك

ابنة الجنوب الشاعرة اللبنانية أسيل سقلاوي – 1992 م

“بيتٌ
لعشّاق الحياة..
بيوتُ
ماذا أقولُ
وفي الكلامِ سكوتُ؟

إنْ كانَ بعضُ الحب
يحيي موتنا
أنا كمْ سأحيا
حينما سأموتُ؟!”
——
الشعر ماء حياتي ، و سر الفرح الذي أتنفسه ، و تؤمن به رسالة وقضية !!.

انها زهرة الجنوب أسيل السقلاوي … شاعرة شابة في مقتبل العمر تهفو الي تجربة القصيدة الناضجة منذ نعومة أظفارها تحمل دلالات مكتملة المفردات و الصور و الاخيلة و الموسيقي ، الغزل و قضايا المجتمع و الطبيعة توشح شعرها ، و ديوانها يحمل علامات استفهام تنطق بجمال فلسفي و سط هالة من التساؤلات و الحوارات التي تكشف لنا عمق فكرتها و تباين الصور مع ايقاعات تهز صمت المشاعر فتقرر زهرة صور التي تستدعي متاهات الزمن من عهد فينيق حيث العطر و الجمال بين ظلال الأرز في شوق و حنين يكشف لنا أساطير و حقائق تنطق بعبقرية المكان و الانسان و لم لا فهي تهز جزع القصيد في جرأة تقتحم مناطق الصمت عند بوابة المستحيل من خلال نداءات تجربتها التي بمثابة طلسم له أقفال تلف الحروق بين غموض و اسقاطات تاريخية موروثة تفتح منافذ رصدت لنا أوجاعها و أحلامها كالمغني وسط الفلاة يحدوه الأمل المنتظر يستطلع موعد القرب بلا حدود سراب يداعب أهدابها لعلي مرفيء الجمال يطوف بزوايا العمر مع ذكريات تلف المكان بظلال الخيال الذي ترسم من خلاله سطور قصائدها التي تشهد علي الوادي و السهول في انطلاقة نورانية تجسد لنا أحلامها مع الحياة !!.

أليست هي القائلة عن الحب و الغزل و البوح مع خطي المدي نحو الأفق في جرأة :
بلى أحبُّكَ ! رفقاً سيدي رِفْقا أشقى من الحبِ أني بالهوى أشقى كأنَّما الصدُّ كالموتِ البطيءِ غَدا يبعثرُ الروحَ … يا للروحِ كمْ تَلقى ! ما راعني البعد.. بلْ صغتُ الفؤادَ مدىً …
و شاعرتنا المتألقة تمتلك وجه القصيد من خلال لوحاتها الفنية المطرزة بالأصالة تقدم لنا رسالة قوية المعني بلغتها المعبرة و النابضة بروح الحياة تطوف بنا بين الرمز و الصوفية و الغزل و التغني بقيم الجمال و رصد قضايا المجتمع وقت الحرب و السلم من منظور المرأة التي تعايش المجهول وسط اضطراب و قلق بمنطق الحداثة التي تتمسك بمقاييس و معايير العمل الفني المحكم بالنظم و الموضوعية التي تلازم حركة تطور الشعر الحديث .
حرفٌ على اسم الله عرّجَ مادحا
و بحب أهل البيت غنّى صادحا
صافحته بالشعر رد مرحّبا
و هفا الى ( بوح القصيد ) مصافحا

نشــــــأتها :
———-
ولدت شاعرتنا اللبنانية أسيل محمود سقلاوي ، عام 1992 م في بلدة ” ديرقانون رأس العين” جنوب لبنان

تعمل مدرّسة رياضيات ، تتابع دراسات عليا / ماجستير في الرياضيات .

و كذلك تتابع دراسة الماجستير في آداب اللغة العربية .
تكتب الشعر الموزون منذ مرحلة الصبا
و هي عضو في الحركة الثقافية في لبنان
لها ديوان شعري بعنوان : ( أنا غبتُ عني ) عند دار الفكر .
شاركت في أمسيات و مهرجانات شعرية عديدة في لبنان و مصر و العراق و الامارات و ايران
حصلت على لقب : ” أميرة البيان ” و ” المرتبة الأولى ”
في مسابقة أمير البيان الدولية للشعر و الأدب في ايران من بين شعراء مشاركين من مختلف العالم العربي
و حصلت علي ضمن الأوائل العشرة في مسابقة بردة كربلاء الدولية للشعر العمودي
و قد أجريت معها العديد من المقابلات التلفزيونية و الاذاعية في لبنان و الخارج و نشرت لها العديد من الصحف المحلية و العربية .

حدَّثتُ عنكَ القلب … ما لكَ تمضي؟
عيناي فيكَ تحدِّقان،
وتُغضي !
أفضى إليكَ دمي بكلِّ شظيّةٍ حمراءَ، سمِّ حروفَ إسمكَ نبضي
أنا كُلُّكَ المسكونُ في
بعضِ الحنينِ
و أنتَ كُلّي حينَ أفقِدُ بعضي

و حول معشوقها الأول و الأبدي ” الشــــــــــعر ” تقول في يقين ورؤية تحسم الفن الجميل :
“الشعرُ
أن يشتمَّكَ الإعجازُ
وتشُمَّهُ
والحالتانِ مَجازُ

ما بينَ بينٍ
واقترابٍ
فكرةٌ في الوهمِ
قيلَ: تمردٌ
وجوازُ

فاصدَعْ بما تُمليهِ
قافيةُ الرؤى
حلُمُ السرابِ
يجيزُها
ويُجازُ

تلكَ الحقيقةُ لمْ تكنْ
مرئيةً للأفقِ
رُبَّ تأمُلٍ
ينحازُ

الشعرُ فوزُ المستحيلِ
وربما..
قد يخسرُ الشعراءُ
إنْ همْ فازوا

و تقول أسيل في مقطوعة بديعة تصف لنا جمال نهر العاصي :
حوريةٌ فوقَ عرش الماءِ .. ضحكتُها
أولى الحكايات يحكيها لنا النهرُ
كأنّ في كفّها المجدافَ .. آيةُ ما
بعد البحور… وموسى خانَهُ البحرُ
لونُ المجازِ .. سمارٌ فاقعٌ و ندىً
يبللُ النهرَ من ريقٍ بهِ خمرُ
و أنتَ أنتَ .. تراتيلٌ مؤجلةٌ
بالاشتعالِ ..و من آياتِكَ : السحرُ

و تقول عن رسالتها عبر نظم الشعر :

أنا نايُ المواجعِ و التمنّي
وصوتي دمعُ عصفورٍ يُغنّي
أدوزِنُ ما تشظّى من جراحي
من الأشواقِ و الأشواقُ تُضني
شفاهي ذابلاتٌ كالبوادي
و ما ظمِئَتْ و لكنْ لم تعِنّي
سرابٌ صمتُها .. وحسبتُ ماءً
يترجمُ ما تقولُ ( فغبتُ عني )
..
نعم أنها فتاة جنوبية في قلبها طفلٌ شاعر يحاول أن يقول شيئاً له معنى في هذه الحياة المثقلة بالألم و المكتظة بالعتم … علّه يضيء شعلة حب و فرح بحروفه الخجلى في قلوب الناس.
و تصف لنا أسيل مأساة الطفولة من خلال رحي الحرب و الصراعات التي تجوب منطقتنا فتهدم الجمال و تنشر الخوف و تؤذن بالرحيل فتتسائل عن هذه العثرات تلخص لنا ان قلبها ابكم لا يقدر ان يجسد ملامح الدمار و الأشلاء التي تلطخ المسار :
ماذا أقولُ فإنَّ قلبيَ أبكَمُ
و أرى الدماءَ من الأسى تتكلمُ
كلٌ يغنّي ليلَهُ ، لمْ يستمعْ
للأغنياتِ.. و لمْ يُجِبْ إلّا الدمُ
يا أنتَ وحدَكَ كمْ ضللنا عنْ غدٍ
و رسَمتَهُ حتى تراءتْ أنجمُ
وهماً أطلَّ الموتُ يُسرِجُ خوفَنا
و أجبتَهُ : هذي الرصاصةُ و الفمُ
علّمتنا الأحلامَ و الآمالَ فانتُبِذَتْ
بنا و أراكَ وحدكَ تحلُمُ
لمْ نستفقْ .. مازالَ يقتلُ بعضُنا
بعضاً و يُحيي القتلَ وهمٌ أوهَمُ
فاعذر جهالتنا .. عزائي أننا
عربٌ .. و عند الموت لا نتعلمُ

هكذا تسافر بنا شاعرتنا أسيل السقلاوي مع سهول مدينة صور و ملامح أرز لبنان أنها صوت نسائي يستوعب ملامح الحضارة و المدنية الحديثة معا .
مختارات من شـــــعرها :
تقول أسيل في قصيدة بعنوان ( أحبك ) حيث تمضي بنا نحو المجهول بين صمت و حنين تستدعي أحلام الطفولة برغم دمعات تسيل من زاهدة ناسكة تتبتل في محراب صومعتها ترنو الي الصفاء مع هدأة السحر في تجليات و اشراقيات تكشف لنا عطر الحروف تتوهج مع خيوط النور :
في هدأتينِ و صَومَعَهْ
شاهدتُها تهذي مَعَهْ
هُوَ يستريحُ بظلِّها
والظِّلُّ يعكِسُ أدمُعَهْ
وَتلاشَيا صَمْتاً بصَمتٍ
ثمَّ عادَ لِتَجمَعَهْ
( و تنامُ ملءَ عيونِها )
أبداً تُعانِقُ أذرُعَهْ
و يراودُ الحُلُُُمُ الجميلُ
فضاءَها كيْ تسمَعَهْ
و الضوءُ بلَّلَ شوقَهُ
عطرُ الحروف الأربعَهْ
( أ ح ب ك )
كأسٌ بكأسٍ أُتْرِعَتْ
روحٌ بروحٍ مترَعَهْ
وتوهَّجَ الصمتُ –
الحَنينُ
توَهُّجاً … ما أروَعَهْ !
عادَ الجنونُ لِلَيْلِها
و إليهِ عادَتْ مُسرِعَهْ
في هدأتينِ .. و صومعهْ
شاهدتُها…
تهذي…
معَهْ !
و تقول أسيل في قصيدة أخري ” استدلال ” توظف الرياضيات و المنطق و الفلسفة في الوصول الي قمة الجمال علي أرض الواقع بعد مناقشات تكشف لغة الكون و الوجود في تناغم يستوعب حركة الحياة بكافة ظلالها فتحكي موال الجمال :
أنا ما اتخذتُ من الجمالِ دلالا
في صومعاتٍ تستفيضُ جمالا
أنا في مساءاتِ التلاقي لم أزلْ
أهفو لأسمعَ ما يقولُ و قالا
و أموتُ جمراً كل يوم برهة
و يعودُ قلبي كي يقولَ تعالا
أنا شمسهُ ..هو شمسيَ
التنهيدُ ديدَنُنا…
وكمْ شدَّ الهيامُ رحالا
لكننا كالبحرِ .. يسعى بعضُنا
من بعضهِ و لبعضهِ …استدلالا
هو لا يكفُ عن التكتمِ في الهوى
و أنا أزيدُ من التكتمِ حالا
أما إذا جاز الكلام فإنني
لا أرتضي غيرَ الوصالِ وصالا
أسيل

و نتوقف مع ما سطرتها عن ” العيد ” حيث تصف لنا حالة الحبور و الحزن في تباين فتقول أسيل :
شوية حب بهالعيد ♥️♥️
لهمْ عيدٌ و لي عيدُ
و أشواقٌ زغاريدُ
أخبئُ بعضها سراً
فتفضحني المواعيدُ
سأحكي عن غدٍ آتٍ
غرامي فيه مولودُ
عن الدفء الذي غنّى
و موسيقاهُ تنهيدُ
أنا المجنونةُ الأنثى
و فيّ العقلُ موؤودُ
فإنْ أهوى فلا عقلٌ
و هذا القلبُ موجودُ
لهمْ عيدٌ و لي عيدُ
و ( أنتَ ) الحبُ و العيدُ

كانت هذه التغريدة بمثابة مدخل الي عالم شخصية أنثوية لبنانية شاعرة ” أسيل السقلاوي ” التي تقرض الشعر بالفصحي و الوزن الخليلي في تمكين لغة و تعبيرا و ايقاعا و جمالا فني يستوعب مدي ظلال كلماتها التي تعد مسافات في معادلة الحياة في اقتحام و تتصدر حلبته في تلقائية و القاء يلفت الناظرين دائما .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى