دراسات و مقالات

أمير الحب– الشاعر و الاعلامي التونسي هادي القمري – 1967م

السعيد عبد العاطي مبارك

مِنْ أَيْنَ أَبْدَءُ يَا تُــرَى كَيْ أَنْتَهِي؟ وَنِهَايَتِي كَالبَدْءِ للْأَكْوَانِ…
سُرَّتْ بِيَ الأَزْهَارُ عِنْدَ وِلاَدَتِي فَغَدَوْتُ لِلأَزْهَارِ كَالبُسْتَانِ
إِنِّي لَبِكْرٌ مِنْ مَوَالِيدِ الـهَوَى مَهْدِي زُهُورُ شَقَائِقِ النَُّعْمَانِ
لَوْ كَانَ بِالإِمْكَـانِ نَفْيُ قَـصَائِدِي آهٍ إِذًا لَوْ كَانَ بِالإِمْــــكَانِ!!!

————–
الشاعر هو وطن هو عالم هو مجرة لا بد من فصل الإبداع عن الكراسي لا بد من التأسيس لحديقة جميلة نجد فيها الوردة الجميلة ونجد فيه حب الرمان والجلنار والبلبل الصداح من أجل هذا الفن.
الشاعر الصحيح هو الذي لا يكتب قصيدته إلا من دمه وماء فؤاده !!.

عندما نتوقف مع الشعر و الشعراء من تونس الحبيبة حيث المروج الخضراء و نتأمل مشروع الغزل من منظور الحب عبر العصور و الأمصار و لا سيما في شعرنا العربي المعاصر ، فقد هام بجمال الطبيعة و الحب و الفلسفة و تغنوا بالمرأة و الوطنية في رومانسية و صدحوا بقصائدهم الجميلة بداية من :
شاعر الهوي و الجمال و الشباب بشارة الخوري ” ، و شاعر الطبيعة و الجمال و الحب أبو القاسم الشابي ابن المروج الخضراء ، و من ثم نلمح نزار قباني بكل المقومات الفنية و غيرهم كثيرون من شعراء الحب و الهوي و الجمال و الشباب ، سجلوا مفردات تتصدر مشهد القصيدة العربية الحديثة عند الرجل و المرأة .
لكن شاعرنا الهادي القمري متوجا بشاعر الحب و أميره حيث يحوم حول ظلال الجمال ، أضف الي جانب النضال و الكفاح و المقاومة التي تسير بجنب موال العشق يحمل هموم الوطن و قضية العرب و المسلمين فلسطين .
و هو مسكون بالحس الجمالي مع ربة الفنون الجميلة و مظاهر الطبيعة و الحياة بعد أن أفسدتها روح الحداثة و المدنية الصاخبة الزائفة حيث الفوضي العارمة في كافة المجالات …
فهو فارس قرطاج و عاشق صفاقس عروس الثقافة العربية .
و من ثم تهيأ لأصدار مجموعة شعرية جديدة بعنوان «أفسدني هذا المساء» منذ انطلاقه إلى المنزل والسهر مع
ما يحيط به فيجد قد أفسدته الأشياء الدخيلة علي المجتمع الأصيل و شوهته مع المساءات بداية من قصيدة أو أغنية أو سماع آية من القرآن ، بعد فساد الذوق الفني الجمال و منظومة الأخلاقية قولا و عملا .
و شاعرنا القمري إستطاع أن يخترق المسكوت عنه ويمزج بين الحب الوطن وحب المرأة.
وقال الهادي القمري مخاطبا” قرطاج المرأة” :
”أمنعت في عيني قرطاج التي غفرت الشعر”…

يقول القمري في نونيته الرائعة :
كالعقد في جيد القصائد أحرُفي مشغولةٌ بالدرِّ والمرجانِ
وأنا البريق على شفاهِ ضيائها وشفاهُها مشبوبة النّيرانِ
إنِّي الرحيل ولستُ أعرف رحلتي أعلى رحيلي قد سَطَا نسياني
فلجأْتُ فيه إلى ديار أحبَّتِي والشعر بيتي والهوى عنواني

نشـــــــــأته :
———–
ولد شاعرنا الاعلامي التونسي الهادي القمري ، في عام 1967 م ، بـــ ” بجزيرة قرقنة ” .
و لقب القمري بــــــ ( شاعر الحب ) .
حصل كأول شاعر عربي ينال لقب «أمير الحبّ» في مسابقة الشعراء بأبوظبي سنة 2007.
و له العديد من التجارب الشعرية والبرامج الإذاعية والتلفزيونية مثل :
«رحيق الليل» و«محاكمات أدبية» بإذاعة صفاقس و«سفير الليل» بقناة أبو ظبي و«ضيف ومطارحات» بقناة تلفزة تونس 1 .
صدر له مجموعة من الدواوين مثل :
———————————-
= «حشاد أنشودة الأمل أو أنشودة الدم» .
= «أنا وجرحي والأمل» .
= «أطيل الوقوف على رغوة للذهول» .
= ” أسراب ماردة ” .
= كما له عدة دواوين أخري قيد الطبع .
و شاعرنا نجم متألق في أيام قرطاج الشعرية، حين يتألق “شاعر الحب” الهادي القمري في العرس الثقافي
و لم لا فهو يمتلك موهبة وطاقة فنية رائعة يوظفها في تقديم رسالة انسانية من خلال الكلمة الشعرية .
و له قصائد عدة ذات الوزن العمودي الخليلي و الشعر التفعيلة الحر .
و نعيش مع مختارات من شـــــــــعر القمري :
يقول الهادي القمري من نموذج شعر التفعيلة :
حَتْمًا سَنَلْتَقِي..
حَتَّى وَإِنْ كُنْتَ مَعَ أنْثَى
لِسَانُهَا يَغْزِلُ الحَرِيرْ..
حَتْمًا سَنَلْتَقِي..
سَتَعُودُ إلَيَّ تَكْتُبُ الشِّعْرَ فَوْقَ
أَنَامِلِي..
وَفَوْقَ جَسَدِي الـمَطِيرْ..
وَمَتَى ؟؟
أَوْ حَتَّى مَتَى؟؟
وَإِلَى مَتَى يَا شَاعِرَ الحُبِّ ..
أَيُّهَا الطِّفْلُ الـمُثِيرْ؟
سَتَظَلُّ تَبْحَثُ عَنْ وَطَنٍ
تَبْحَثُ عَنْ شَفَةٍ ظَمْأَى..
أَوْ بَوْسَةَ سُكَّرٍ مِنْ عَبِيرْ!!
و يقول شاعرنا الهادي القمري في قصيدة أخري بعنوان (لماذا رحلت؟؟؟ !! ) متسائلا في فلسفة تختصر مشهد حصاد الحياة بكافة ظلالها مغنيا في حالة مد وجزر كالبحر الذي تغازله شمس الصباح عند الرحيل فتجنح للغروب و ينتظر مطلع القمر يحكي الهوي مع الدهشة حيث العشق المبلل بالمطر في فضول:
لماذا أراك كَمَدٍّ وجزْرٍ مَتَى كُنتَ عندي تطيلُ السَّهَرْ؟؟
وإنِّي أنا الحُبُّ أدركُ أنِّي أنا الشمسُ وحدي وأنت القمرْ
وَأدْرِكُ يَا جَارَ مَنْ كُانَ مِثْلِي قَرِيبًا بَعِيدًا كَثِيرَ الـسَّفَرْ
بِأنَّكَ دَوْمًا سَحَابٌ سَخِيٌّ وَتُمْطِرُ حِينَ يَغِيبُ المَطَــــرْ
أأنْتَ الذِّي قَدْ كَتَبْتَ الـهَوَى؟ وَأمْعَنْتَ فِي العِشْقِ حَتَّى انْفَجَرْ؟
أأنْتَ الذِّي إِذْ أثَرْتَ فُضُولِي تَألَّقْتَ حَـتَّى اسْتَجَابَ القَدَرْ؟
فَيَا حَيْرَةَ الْوَقْتِ كَمْ أدْهَشَتْنِي عُذُوبةُ كَأسِي مَتَى الْوَقْتُ مَـرْ
وَأنْتَ تُدَاعِبُ خَصْلَةَ شَكِّي تٰرَاوِغُنِي أَوْ تَجُسُّ الـــوَتَــــرْ
أتَذْكُـرُ يَوْمَ احْتَــرَقْنَا شِـفَاهً وَأغْرَقْتَ ثَغْرِي إِلَى أنْ سَكَرْ؟
وَعِطْرُكَ ذَاكَ الشَّقِيُّ اللَّذِيــذ مَتَى كَانَ يَسْرِي وَبَيْنَ الحُجَرْ
تَسَلَّلَ كَاللِّصِّ كَانَ وَدِيــــعًا وَمَـرَّ سَــرِيعًا وَإِنْ لَـمْ يَـــمُرْ
أحُبُّكَ لَكِنْ لِمَاذَا رَحَـــلْــتَ أطَلْتَ الغِيَــــابَ وَلَمْ تَنْتـظٍرْ…

هذه كانت صفحة جديدة من صفحات شعرنا العربي المعاصر سطرها لنا شاعر الحب التونسي الاعلامي ” الهادي القمري ” بحروف رومانسية تنطق بمنطق الجمال بين المرأة و الوطن و الطبيعة وقضايا المجتمع التي تهز و تؤرق عالمه الفسيح من خلال ملحمة الحب الذي يعزفها في تلقائية كمدخلات لشخصيته المسكونة بعبقرية الوجد دائما .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى