قصة

أمل

طارق الصاوى خلف

ترافق احتكاك سبابتها بأنفه مع سؤالها الغاضب: ماذا تريد منى؟!
صمت، خبت نارها، قرأ فى استكانتها نداءا مراوغا، تواعدا على لقاء تحت مظلة الأمل، علقت عربة أحلامه بطقسها المتقلب، أدنته برهة، تأرجح على حبل مشدود بين اليأس و الرجاء، لفظته، أصر على طلب يدها، أشرق وجهها بابتسامه أخجلت القمر، توارت من روعتها النجوم، هم بتقبيلها ممتنا، نخسته بقضيب من حديد ساخن: لنظل أصدقاء.
سعت نسوة للوساطة، شمرت لهن ذراعيها، صفقت بكفيها حين عاتبنها على رفضه، ردتهن بكلماتها خائبات: لو زرع ذيلا لف به وسطى أو طلعت له مخالب غرسها فى جسدى لن أقبل به زوجا، ولو صار الرجل الوحيد فى العالم سأموت عذراء.
شوته ألفاظها الجارحة فزادته تعلقا بأهدابها، توسل لزميلهما بالمكتب أن يحادثها، نسى فى حضرتها من أرسله، أدهشه منطقها فى تبرير نأيها عنه: سبحان من بيده مفاتيح قلوب تستسلم أقفالها لمن يغزوها بسلطان الهوى، يهدهد ممانعة العقل بدفء حنانه، عبير بيانه.
ركع الوسيط تحت قدميها مستجديا قبولها زواجه، وجها الدعوة لمن كتب عليه الشقاء بحبها ليشهد زفافهما، لعن فى طريقه مرآة عمياء زينت لها فيلا يصحبها ليلة عمرها، سمع حديثها لنفسها وهو يصافح يدها النافرة: سيموت كمدا إذ يرانى بين أحضانه راقصة.
بالت وليدتها على بنطالها تلصص من تحت النظارة و هى ترضعها نهرت فضوله: لا تقتات على لحم لن يحل لك.
اشتعل رأس بعلها بالشيب، همس لها و هما ينصرفان من الدوام: ذهب المال و تحول القرين لقرد.
مالت عليه من يسميها الشمطاء المتصابية فألصقت وجهه بالجدار. اصطبر عليها حتى زوجت أبنائها، وارت أباهم الثرى، طرق بابها حاملا باقة ورد، دخل لحجرتها، تمطى على طرف سريرها، تعالت دقات قلبه و يدها النحيلة الدافئة تشد على كفه المشتاق لإمرأة تتعجل المحاق، زم شفتيه انحنى للتماس مع مبسمها قطعت عليه السبيل بساعدها هامسة بابتسامة راضية: ستموت محروما من الشهد.
سابق أهلها ليشهد حفلها الأخير خاطب قبرا ضم جسدها: الملتقى قريب يا أمل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى