خواطر

أبث حزني إلى الله للأستاذ : عبد السلام الإبراهيم

أنا لست معكم ولست معهم، دعوني لن أحدث فرقاً إذا ما طُرحتُ كصفر اليسار، أنا مجرد صرصار ليلي يزعق في الظلمات متوسلاً الخالق أن يعيش.
مذ كنت طفلاً أحسنتُ صحبة الحرمان، أمي تهز سرير خوفي كي ينام، وأبي ثقب أسود يطوف حول أرضي وكلٌ في فلك يسبحان.
أنا لست رمادياً، أنا رماد هذا الإحتراق.
صخرة صغيرة تتشبث بسفح الجبل، مزهوة بشموخه، منتشية بعطر ياسمينه، تضمر تحتها الندى لتمده نسغاً للخضار، رغم قيظ الشمس وزمهرير الليالي، وهذا ما كلفها الله الذي تعبده بصمت الثبات وبكل أريحية.
لم أحلم قط باعتلاء قمة، فما دام الجبل شامخاً فكلنا تحتضنا السماء نديماً للنجوم، فقط راودتُ النسيم أن يصحب روحي كل حين في رحلة على بساط السندباد إلى حيث البهاء والصفاء.
ولم ولن اتقهقر، وكيف يتزحزح الرماد وقد كنزته الأرض كحلاً للعيون الدامية!.
آه.. كم كنت تكتم في صدرك من غضب وأسى أيها الجبل الأشم! أتراه وزر معدميك والمقهورين، أم هكذا شاءت الأقدار.
أشد ما في الكربة قسوةً أني لا أستطيع الصراخ- لا صوت يعلو فوق جنون المعركة- كفرس غارةٍ كُسرت قوائمها تهمهم راجيةً الموت، أن تعال، أو كشمعة تحترق من قيظ شمس لا من ضياء.
متى تهدأ أيها البركان؟
متى يتوقف الرصاص عن الهذيان؟
متى تتوقف الدماء عن الفوران؟
وقتها.. أستطيع أن أعاتب أشجار البساتين، كيف تركتني بلا ظلال!
اعاتب الفرات، كيف تتشقق لهاتي عطشاً وفيضك عذب زلال!
اعاتب الياسمين، أيها الأبيض النقي كيف ساد الظلام!
اعاتب الشمس، كيف هجرتْ ساحة دارنا وسكنت الخيام!
اعاتب البحر، كيف استسغت لحم القطا والحمام!
وقتها.. سأجلس وقهوتي على الشرفة، نحدث عصافير الصباح، ويصبح الكلام مباح.
وإلى حينها .. سأُهادن الدموع وأبثُ أحزاني إلى الله .. فصبر جميل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى