ِ الشاعرة العراقية المصرية باكزة خاكي 2003 – 1936
” قالوا لي اختاري قصرا علي السين
جدرانه عاج
ابوابه من خشب الصندل منقوش من الهند
قلت لهم كوخ علي دجلة بجانب الكرخ مبني من الطين
قالوا لي اختاري عقدا زمرديا شالا من القز
قلت لهم ستري عباءة اهدتني لي امي في يوم ميلادي
بشرطها الصارم ان تبقي لأحفادي
بغداد يا جنة عروسة الدنيا
ترابك كحل وطينك حنة — ”
————–
مع شاعرة عراقية المولد مصرية الجنسية عربية الهوية أنها ” باكزة أمين خاكي ” ، التي تمثل شتي الأعراق العراقية عبر رحلة التاريخ ، و التي تجسد ملحمة الابداع بنظرة شمولية تجمع أطياف القديم و الحديث في روح معاصر تعكس ملامح عبقرية وادي الرافدين الزاخر بالتراث الفني و الموروث البابلي و السومري و العربي و الاسلامي مع اطلالة علي عالمها المعاصر المشحون بالصراعات كل هذا المخزون الحضاري أثري و أثري لوحاتها الشعرية التي بمثابة زهور تعطر عبق حياتنا هكذا — !!
ولدت الشاعرة العراقية باكزه أمين خاكي في بغداد 1936 م من أبوين عربيين وينحدر والدها من قبيلة ربيعه العربية. تعلمت تعليما نظاميًا في بغداد، وواصلت تعليمها حتى التحقت بالمدرسة الثانوية في مدينة كركوك بصحبة والدها الضابط في الجيش العراقي وتخرجت فيها، مما أهلها للالتحاق بكلية الآداب في جامعة بغداد (1950). حصلت على ليسانس الآداب قسم اللغة العربية- جامعة بغداد . حصلت على الدبلوم العالي في تنمية المجتمع في المركز الدولي بسرس الليان – مصر.
اشتركت في عديد من التظاهرات الوطنية وتعرضت للمحاكمة والاعتقال قبل ثورة تموز. اشتركت في معركة الجسر وأصيبت وكتبت عنها الصحافة العراقية تحت عناوين ( فتاة الجسر ) قبل ثورة تموز.
اكتسبت الجنسية المصرية بالزواج من المهندس / سمير عثمان خريبه ( الخبير الدولي بالأمم المتحدة ) واقيمت في القاهرة ولها أربعة أنجال ( ثلاث بنات الاولى دكتورة ، والثانية اثرية ، والثالثة محاسبه وولد المستشار / سليمان سمير عثمان خريبه ) .
نشرت لها معظم الصحف العراقية والكويتية والأهرام المصرية والنيابة العامة المصرية .
حصلت على وسام الماجدة للإبداع الشعري من الاتحاد النسائي العراقي في مؤتمر القوى الشعبية العربية سنة 2002.
إلا ان توفيت في بغداد سنة 2003.
من دواوينها الشعرية :
1- الساقية. 2- غداً نلقي. 3- الف ليلة وليلة.
كما لها أيضا قصائد في كتاب «معجم الشعراء»، وكتاب «المرأة العراقية المعاصرة»، وكتاب «شعراء بغداد»، و لها قصائد نشرتها صحف ومجلات عصرها في العراق موثقة المصادر كثيرة —-
و ها هي الشاعرة العراقية باكزة خاكي تحكي موال عشق عن بغداد التي تراها الكون كله مع موكب الحياة فتقول :
قالوا لي اختاري قصرا علي السين
جدرانه عاج
ابوابه من خشب الصندل منقوش من الهند
قلت لهم كوخ علي دجلة بجانب الكرخ مبني من الطين
قالوا لي اختاري عقدا زمرديا شالا من القز
قلت لهم ستري عباءة اهدتني لي امي في يوم ميلادي
بشرطها الصارم ان تبقي لأحفادي
بغداد يا جنة عروسة الدنيا
ترابك كحل وطينك حنة
واحتار أطباءي يا اخوة الدرب
اعياكم داءي عزق من التمر من جانب النهر روءياه تشفيني
ان حان لي اجلي لا تزوفوا الدمع
بل أوقدوا الشمع وألقوا علي رمسي
فرعا من الورد
ان أينعت وردة في غصنها القاني
قولوا لها اني سقيتها عصارة القلب
= = =
فلا شك عندها ان جمال كوردستان لا يضاهيه أي جمال، فعشقت الجبل الاشم بصموده وكبرياءه والسهول المتموجة بروعتها وسحرها ذلك الجمال الذي حدى به الرعاة ان يعزفوا اعذب الحان الناي الشجية مما ساهم في تشكيل لوحة فنية رائعة تمتد خيوطها لتبشر بفجر يشع نورا ذهبياً يكسو الرياض والمروج:
عشقتُ السهولَ …. عشقتُ الجبالْ
فلينُ السهـول …… أحبُ الخصالْ
وبـأسُ الجبـال………. بعيـدُ المنال
صمـودُ وليـنُ …….. عديمُ المثـالْ
جمال بلادي يحاكى الخيال
سفوحُ الجبال ِ …. عرين الكُمـاة
وتلك البراري …… بيوتُ الأبـاة
بهذا النعيـمِ ….. وتلـكَ الحيـاة
على لحن ناي ٍ …. يغـنى الرعـاة
جمال بلادي يحاكى الخيال
وفجـرٌ يشع ……. بلـون اللهـب
فيكسو الرياض …. بلـون الذهـب
فتصحو العذارى …. تلـم الحطـب
وسـربٌ يغنى …. ويجـنى الحلـب
جمـال بلادي يحاكى الخيال.
= = =
ومن ثم نتوقف مع آخر قصائدها قبل رحيلها عن عالمنا عام 2003 م حيث تقول الشاعرة العراقية المصرية الراحلة باكزه أمين خاكي في قصيدتها و التي بعنوان
“سلمت يا عراق” تصور فيها جحافل الطغاة في العصر الحديث كما فعل أسيادهم من الماغول من قبل و قد نشرت في جريدة الأهرام و مطلعها :
أجحافل الأقزام داست في حقولك يا عراق… بلا حذر
وتوغلت تهدي الي أطفالنا خوفا وذعر
وتوسدت عذراء بغداد الحطام …. أنينها هز الحجر
وصراخ أطفال الرياض تحرقت أجسادهم تحت اللهيب المستعر
ونظرت في كل الوجوه لعلني أحظي بشيء للنبي المنتظر
وصرخت من أعماق قلب يعتصر
الله أكبر فالعروبة تحتضر
يا قمرا … اسطع علي بغداد يا أبهي قمر
امسح جراح البائسين ..أنـر دروب العز .. والمجد الأغر
يا موطني .. لملم جراحك يا أبي ولا تفر
كم للفوارس كبوة رغم البسالة … وقعها لا يغتفر
اني عهدت سعفك يا فرات مواضيا لا تنكسر
يا موطني ..أوقـد رمالك يا عراق فملؤها زيت
وصب فوق العدا … نار وشر
من قال عاصمة الرشيد استسلمت للغاصبين … فقد كفر
وبرغم كل النائبات سمعت صوتا عطر الآفاق
فاذ به صوت الشهيد مرتلا
سلمت يا عراق …..سلمت ياعراق
= = =
و نراها تتغني بحب مصر حيث تأتي الي بلاد النيل محملة رسالة الحب و الجمال و السلام من بلاد الرافدين العراق ، و هذا يتضح لنا جليا في قصيدتها الرائعة التي بعنوان ( سلام من العراق ) حيث تشيد بعميد الدب العربي الدكتور طه حسين فتقول فيها :
بعث العراق سلامه لربـاك
وشدت صبا بغـداد فى ذكراك
وتمايلتْ امواجُ دجلة فى منىً
وتعطرت نسمــاته بشـذاك
ما كاد يوطىء بالكنانة ركبنا
حتى بهرنا من عظيـم سنـاك
ولقينا أرواحاً تعانق روحنـا
والبسمـة العذرى علتْ شفتاك
يا مصر يا أخت العراق تحية
من عاشـق منّى النهى بلقـاك
ذا روضـك الفتان يعبق طيبة
من معشـر زادوا بهاً لبهــاك
ركب الشباب وفية من روح الصبا
ما لاح فى فجر العـلا لولاك
. . . . . . . .
يا مصر سيرى فالهناء أمامك
رب أحـاط بحفظـه مسعـاك
فالعزم يا أرض الكنانة قوة
إذ أن في العزم القويـم عـلاك
“طه” وهل في الشرق غيرك حارس
للعلـم و الأدب الرفيع الزاكى
فلأنت للعلم الموقـر شعلـة
كالشمس ساطعة على الأفلاك
تهدى الضليل إلى الصواب كأنها
في صمتهـا المعهود كالنسـاك
. . . . . . . .
مصر الحبيبة والقلوب جميلة
وسرحت قرب النيل في نجواك
وعجبت إذ يذوى الجمال بأسره
ويذوب في طي الـورى إلاك
تبقين في مر الدهور عظيمـةً
طيـفٌ جميـلٌ للعـلا طوباك
رحمـاك يا أرض الكنانة لحظةً
حتى أعبر عن جميـل وفــاك
ذي خفقة القلب المتيـم ناشداً
شُـل الفـؤاد إذا هويت سواك
. . . . . . . .
و نختم لها بهذه الملحمة الرائعة تشكي تحكي تتذكر تحاور في رائعتها الخالدة و التي بعنوان ” حدثيني ” حيث تتسلل الي محراب الغزل و العشق و أيام الصبا في واديها الأخضر الفتان كزهرة بللها الندي الذي يلامسها في حب و تألق من خلف زجاج النافذة فتبوح تستلهم الزمن و مدي حدث لظلالها من عهود متواليات لكنها تقف صامدة تغني برغم الجراح و الرياح :
“زهرة بللها الندى خلف زجاج النافذة كلمتها ولا أدرى هل إستمعت ؟ ”
حدثيني في الدجى الواهي وإشعاع القمر
حدثيني عن زمـانٍ كيف ولى واندثـر
حدثيني عن عهـودٍ خلتها تبقى ذكـر
فالهوى يضرب في أوتار قلب لا حجـر
كيف ولت ذكريـاتي
وبها كـانت حيـاتي
من ترى يروى شُكاتي
فأنيني وحنيني خالـدٌ طوال الدهـر
. . . . . . . .
حدثيني ..حلوة أنت كأحلام الشبـاب
حدثيني في الهوى العذري هل فيه عذاب
حدثيني إنني أشكـو إشتياقـاً واغتراب
حدثيني فحديث الشوق في صدري مذاب
وكذا تمضى السنين
كـل أيـام حنين
و الهنا نغـم حزين
ومضى الأمس وولى طيفه خلف السـراب
. . . . . . . .
حدثيني … فأحاديث الهوى سرُ الوجـود
حدثيني عن ليالي الحب عن حلـو الوعود
حدثيني فالهنـا كأسى و ألحاني و عـودي
حدثيني فحديـث الـحب عطـر وورود
بل شعاع في العيـون
وبه شـتى الفتـون
من أمان وشجـون
وسيبقى غنوة حيرى مع الـحب الخلـود
. . . . . . . .
أيه.. أختاه أحاديث الرؤى سحـرٌ ونـور
هذه – أختـاه- نيرانٌ بأضلاعى تثــور
كم ترى حاولت إخفاء اللظى حتى يمـور
أيه – أختـاه – فما كان الهوى طيفاً يدور
بل به صـدٌ وهجـرٌ
وبه كيـدٌ وغــدرٌ
ثم صفحُ فيه عــذرٌ
أترى حاولت أن تقرأى ما بين السطور؟؟
هذه كانت أهم الملامح في شخصية شاعرة عربية عراقية المولد مصرية الجنسية ” باكزة خاكي ” تصور بألوانها و أشكالها مع العصور المختلفة حضارة العراق و بغداد حاضرة الاسلام درة السلام و أحلامها التي تجابه غطرسة الطغاة و تمرق عبر الحواجز منتشية في زهو كنخلة شط العرب و مربد بصرة الشعراء في زهو أبي نواس و السياب و نازك الملائكة و الجواهري كنوز تشرق من قلب بابل و دجلة و الفرات دائما