موريتانيا بلاد المليون شاعر
الدكتور محمد القصاص
أُطلق على موريتانيا لقب “بلاد المليون شاعر” لأول مرة في تحقيق صحفي أجرته مجلة “العربي” الكويتية في إبريل عام 1967. ويعتبر مصدر هذا العنوان الذي لقي زخماً إعلامياً كبيراً، اندهاش زوار البلاد بفصاحة الموريتانيين وتضلعهم من اللغة العربية، وخبرتهم بالشعر نظماً وإنشاداً. وقد أثار هذا الأمر اهتمام العديد من الباحثين وعزّز دور “العلماء الشناقطة” الذين هاجروا إلى المشرق خلال القرون الماضية.
لقب “بلاد المليون شاعر” يحمل مبالغة كبيرة، لا بل أنّه بات يسبّب بعض الحرج لكبار أدباء البلاد الذين يرون أن هذا الاسم يحمّل البلاد أكثر مما تحتمل. مع ذلك، ما زال عشرات الباحثين والمحدثين من حين لآخر، يطرقون باب أسباب ولع الموريتانيين بالشعر وخلفيات هذه الظاهرة التي تصل حد تقديس الشعر واعتباره “الركن السادس” من أركان حياة المجتمع الموريتاني المتدين.
لكن ماذا عن بلاد العرب ؟ ، وبماذا يمكن وصفهم مقارنة بشعب موريتانيا الذين تعرفوا على اللغة العربية بعد أن دخل الإسلام بلادهم ، فلم يكن أدباؤهم غافلين عن تلقف لغة الضاد ، وهي لغة القرآن ، بكل ما أوتوا من قوة ، فاقتحموها بكل ما تحمله هذه اللغة من جمال وروعة ، نعم .. اقتحموها بكل ما أوتوا من قوة ، وأبدعوا في هذا المضمار إلى أن استحقوا هذا المسمى عن جدارة ، منذ أن نشر هذا التحقيق في مجلة العربي الكويتية في عام 1967.
لم يكن عالمنا العربي بأقلّ حظا من أخوتنا في موريتانيا ، بل فمن يطلع منا على تراثنا العربي ، يجد أن كل أقطارنا العربية عامرة بالشعراء والأدباء واللغويين ، في مصر وفي العراق وفي سوريا وفي لبنان ، وفي الجزائر وفي تونس وفي المغرب ، وفي الكويت وفي الأردن والسودان ودول الخليج عامة .
ولكن المؤسف حقا ، أن أية جهة إعلامية متخصصة لم تفكر بإبراز كوكبة الأدباء والشعراء واللغويين في عالمنا العربي ، على غرار ما قامت به مجلة العربي العريقة التي أجلُّها وطواقمها المتعاقبة منذ أكثر من ستين عاما ، والتي كانت نبعا يثري عقول المطلعين والمطالعين على ما رفدتنا به من معلومات ضخمة ودسمة في مختلف المجالات .
اسمحوا لي أن أتناول قصيدة قصيرة: شرحاً وعروضاً وعلم بيانٍ وعلم بديعٍ وعلم معانٍ. ثمَ أدلي برأيي الشخصي المتواضع بعد أن أنتهي من البحث والدراسة.
شاعر عربي موريتاني : الأستاذ القدير المختار السَالم دخل سنّ الحكمة قبل أكثر من سنة. ولد في واد النَاقة بموريتانيا عام 1968م. أصدر ديوان شعر كما وجد في مرجع يعود إلى 2004، وكما ورد في معجم البابطين أيضاً. يكتب الأستاذ الشاعر المختار السَالم القصَة القصيرة والشعر، ويمارس العمل الصحفي أيضاً. إليكم قصيدته (ألست لي؟).
أَلَسْتِ لي شَفَةٌ يَشْدُو بِها المــــاءُ؟***أَوَاهُ إِنْ صارَ لِلْعُشَاقِ ما شـــاؤوا!
مازالَ عِنْـــدَكِ مِنْ حُبِي بَقِيَتُـــــهُ***ولَم تَزَلْ مِنْـهُ تَحْتَ الجِلْدِ أشْــــلاءُ
كانَتْ غَمَامَتُنا إِنْ أَمْطَرَتْ سُحُباً*** تَجَاَمَـح الغَيْـمُ أَلْقابٌ وَأَسْمَـــــــــاءُ
ألَسْتِ لِـي؟ خَبِرِيني رُبَما ذَهَبَــت*** بعضُ الشُكوكِ وكم شَكَ الأحبَّــاءُ
كَمِ اسْتَعَنْتُ عليه الأُخْرَياتُ ومــا*** نَـفْـعُ الغـَريــبِ إذا حـــارَ الأَدِلاَءُ
لقد قمت بوضع هذه المعلومة أمام حضرات القراء وأنا على يقين بأنها مهمة شاقة وصعبة ، وليست بالأمر السهل ، ولكن محاولة القيام بمثل هذا الأمر هو ضرورة قصوى ، يتوجب على الجهات المعنية الإسراع في تنفيذه على عجل ، لكي ينتفع الجيل ما أمكنه ، والله من وراء القصد ،،،،