شعر

من البصرة.. تابوتٌ من ماء

عبد الجبار الفياض

إلى الكرام شهداء البصرة

قفي شوقاً فلا صحيتْ قلوبُ
ولا حنّتْ لمشتاقٍ جنوبُ
أذاتِ الدّلِ ما عيناكِ يحلو
بها دمعٌ يخالطُهُ النّحيبُ
قفي عندَ المغيبِ فأنتِ عُرسٌ
يمازحُ عطرَهُ ثوبٌ قشيب
وتمتلأُ القلوبُ بكُلِّ ودٍّ
ويشدو في الهوى لحنٌ طروب
أماسي الأُنسِ تُنسينا هموما
وفي اوصالِنا يسعى الدّبيب
. . . . .
وحلَّ الكربُ وانشرختْ مرايا
وغصنٌ قد ذوى وهو الرّطيب
قرونٌ ما علتْ إلآ قروناً
خطاها الفوتُ وانعدمَ الرّقيب
وجاءَ السّامريُّ بوجهِ هوذا
بعجلٍ قد تذهّبَ وهو ذيب
فمَنْ قالَ اليتامى في عيوني
ومن قال الثكالى لا تخيب
ومَنْ يمَّ المنابرَ وهو عيٌّ
صُراخٌ زادُهُ زبداً يذوب
وصدّقنا بأقوالٍ توالتْ
أيصدقُ خائنٌ وهوَ الكذوب؟
. . . . .
توالدتِ الدّهورُ على توالٍ
فما وِلدتْ كمثلِها ما يُشيب
وجوهٌ شابَها صَلفُ البوادي
وزادَ قتامَها مكرٌ عجيب
وما طابتْ لمخلوقٍ سواها
وهل يعلو لشيطانٍ ربيب؟
وهزّوا جذعَها رطباً جنيّاً
وكانتْ بينَهم صَفْرا حلوب
فأمستْ قربةً شُقتْ بسهمٍ
فلا من نادبٍ عطشاً تُجيب
تكفكفُ دمعَها والدّمعُ عَتْبٌ
وقد غطّى مُحياها الشّحوب
فيا وجعاً لهُ في القلبٍ وخزٌ
وقدْ عزَّ المواسي والطّبيب
. . . . .
قفي ، يومٌ كهذا ليسَ فيهِ
مُحاباةٌ فقدْ سُدّتْ دروب
وفاضَ الصّبرُ وانثالتْ شجونٌ
فهبّتْ في الورى ريحٌ غضوب
تسارعتِ الخُطى نحو المنايا
كأنَّ الماءَ من غضبٍ لهيب
سيُردى كُلُّ مَنْ ركبَ الخطايا
ويرجعُ سالماً حقٌّ سليب
فيا وطني عظيمٌ أنتَ حتى
وإنْ جارتْ بدنياكَ الخطوب
فَقرْ عيْناً فلسنا مَنْ نجافي
فديتُك خافقاً عِشْقاً يلوب
فما كانَ الغرامُ سوى وفاءٍ
وهلْ يفدي الهوى إلآ الحبيب؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى