دراسات و مقالات

مفهوم الحرام عند فحول الشعراء العرب

مجدي شلبي

حضر الشاعر أبو نواس ندوتنا (الافتراضية)، قادما من مثواه الأخير في (بغداد)، بعد أن عرج على مسقط رأسه (الأهواز)، متبنيا فكرا ماجنا قديما قبل أن يعلن زهده وتوبته؛ فيقول:
يلائمُني الحرامُ، إذا اجتمعْنا، *** وأجفُو عن مُلاءمَة ِ الحلالِ
وإنْ قالوا: حرامٌ؟ قلْ: حرامٌ! *** ولكِنّ اللّذاذَة َ في الْحَرامِ
ـ فيقول الشاعر الشريف المرتضى متهكما:
بطيئين عن مزاولة ِ الخيـ *** ـرِ سِراعاً إلى انتهاكِ الحرامِ
ـ ويقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
لكن حرام على عيون *** تشهد حسناً ولا تميل
ـ فيضيف الشاعر السري الرفاء:
قلتُ أَدِيري حِلَّها أو حَرامَها *** فليسَ الحَرامُ من يديكِ مُحرَّما
ـ فيرد الشاعر بهاء الدين زهير؛ قائلا:
لمْ يَبقَ فيكَ بَقِيّة ٌ *** لا للحَلالِ وَلا الحَرامِ
ـ ويقول الشاعر صفي الدين الحلي:
يجدُ اللهوَ بالمدامِ حراماً، *** عندهُ، والرباءَ غيرَ حرامِ
ـ فيتحدث الشاعر أبو العتاهية بلسان حال هؤلاء؛ فيقول:
ما نُبالي أمِنْ حَرَامٍ جَمَعْنَا، *** أم حلالٍ ولا يحلُّ الحرامُ
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
من معشرٍ كَسَبوا الحرامَ فكلهمْ *** منهُ شٍباعٌ والبطونُ غِراث
وأبطركم أكل الحرام فأمْهِلوا *** لكلِّ أكولٍ هَوعة ٌ سيهوعُها
ـ فيضيف الشاعر البرعي:
يا جامعَ المالِ منْ حرامٍ *** سيقتضى مالكَ الغريمُ
ـ ويقول الشاعر الطرماح:
دعيُّ حرامٍ، والحرامُ عمارة ٌ *** متابعة ٌ منْ كانَ خسفاً يسومُها
ـ فينقلنا الشاعر السري الرفاء إلى حالة تناقض في السلوك؛ فيقول:
فَرْجي عفيفٌ عن الحَرامِ ول *** كنَّ لساني لسانُ عيَّارِ
ـ فيضيف الشاعر الخُبز أَرزي:
إذا ما لسان المرءِ أكثر هذره *** فذاك لسان بالبلاء موكَّلُ
ـ هنا يعبر الشاعر بدر شاكر السياب عن أنه ليس من هؤلاء؛ فيقول:
عظمت حرمتها وصنت ذمامها *** وقضيت من تلك الحقوق الواجبا
ـ فيحييه الشاعر قيس بن الملوح مجنون ليلى؛ قائلا:
فَقُلْتُ وَنَحْنُ فِي بَلدٍ حَرامٍ *** بِهِ واللّه أُخْلِصَتِ القلُوبُ
ـ فيضيف الشاعر ابن الخيمي:
يا ساكنى البلد الحرام تحية *** من مغرم لندنوّكم يحتال
ـ فيكمل الشاعر البحتري:
لهُ شَرَفُ البَيْتِ الحَرَامِ، وَفَخرُهُ، *** وَزَمزَمَ، وَالرّكْنِ العَتيقِ المُمَسَّحِ
ـ ويضيف الشاعر سبط ابن التعاويذي:
والكعبة ُ البيتُ الحرامُ وإنْ سَمَتْ *** شرَفاً فقَومُكَ (حجيجها) وكِرامُها
ـ فيقول الشاعر عرقلة الكلبي:
من لي بصيد ظباءِ مكة، وهناً *** والصيد في البلد الحرامِ حرامُ
ـ ويقول الشاعر عروة بن أذينة:
بيضٌ نواعمُ ما هممن بريبة ٍ *** كظباءِ مكة َ صيدهنَّ حرامُ
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
سقَتْ هَلكى الحَجيجِ، وَأطعمتهمْ، *** وَأحيَتْ ساكني البَلَدِ الحَرَامِ
ـ ويكمل الشاعر ابن الفارض:
ولحاضِري البَيتِ الحَرامِ، وعامِري *** تِلكَ الخيامِ، وزائري الحَثْماءِ
ـ فيضيف الشاعر أبو تمام:
مَضَى مُحْرِماً بحَلال الثَّرَاءِ *** فأَرْضَى بهِ رَبَّ بَيْتِ الحَرَامِ
ـ فيرد الشاعر أبوالعلاء المعري معترضا:
تَسيرُ إلى البيتِ الحَرامِ تَنَسّكاً، *** ويَشكوكَ جارٌ بائسٌ وخَدِينُ
ـ فيكمل الشاعر أحمد محرم:
حرامٌ علينا أن تنام عيوننا *** وثم عيونٌ ما يفارقها السهد
ـ فيؤكد المعنى الشاعر بدر شاكر السياب:
حرام عليها هنيء الرقاد *** أتغفو و ما أنت في النائمين
ـ ويقول الشاعر الشريف المرتضى:
حرامٌ على عيني الكرى بعد بُعدِكم *** وحلَّ لعيني أنْ تجودَ بمائِها
حرامٌ عليّ اكتسابُ الإخاءِ *** فمثلَ إخائك لم أكسِبِ
حرامٌ – وقد غيبتِ – عنيَ أن أرى *** منَ الخلقِ إلاَّ نظرة ً لن أودَّها
ـ فيضيف الشاعر ابن دريد:
حرامٌ على عينٍ يسامرها البكا *** وَجَفْنٍ رَمَاهُ الوَجْدُ فَهْوَ قَرِيحُ
حرامٌ على ماءِ السلوِّ وللهوى *** خَوَاطِرُ تَغْدُو نَحْوَهُ وَتَرُوحُ
ـ ويقول الشاعر جبران خليل جبران:
حرام علينا بالشعر إن تقع *** نسور معاليه وقوع ذباب
ـ فيقول الشاعر أبو تمام:
حرامٌ على أرماحنا طعنُ مدبرٍ *** وتندقُّ بأساً في الصدورِ صدورها
ـ فيقول الشاعر البحتري:
يَرْجُو الأمَانَ ولا أمَانَ لغادِرٍ *** رشَقَ العَصا، وأحَلّ كلَّ حَرَامٍ
حَالَتْ بكَ الأشْيَاءُ عَنْ حالاتِها، *** فالحُزْنُ حِلٌّ، وَالعَزَاءُ حَرَامُ
ـ فيقول الشاعر الشريف الرضي:
حرام على المجد ابتسامي لقربه *** وما هزني فيه العناء المقطب
حرام على عيني تجاوز أرضها *** وَلمْ يَرْوِ أظْمَاءَ الدّيَارِ هُمُولُهَا
ـ فيقول الشاعر الواواء الدمشقي:
لاَ تلمهُ فليسَ فيهِ ملامُ *** لومهُ في الهوى عليكَ حرامُ
ـ ويقول الشاعر أحمد محرم:
لم تحفلي بعهودنا فنقضتها *** يا هذه نقض العهود حرام
ـ فيضيف الشاعر بشار بن برد:
قالوا: حرام تلاقينا فقد كذبوا *** مَا فِي الْتِزَامٍ وَلاَ فِي قُبْلَة ٍ حَرَجُ
ـ فيقول الشاعر ربيعة الرقي:
هذا حرامٌ لمن قد عدهُ لمماً *** ولن يعذبنا الرحمنُ باللممِ
ـ فينصح علي بن أبي طالب؛ (بأن):
نكون أول مستحل حله *** وَمُحَرِّمٍ لِلَّهِ كُلَّ حَرَامِ
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:
خُلِقتُ كأَنَّنيَ عيسى، حرامٌ *** على قلبي الضَّغِينة ُ والشَّمات
ـ ويختتم الشاعر أبو نواس ندوتنا بأبيات شعرية من قصائده الأخيرة في التوبة والزهد؛ فيقول:
يا رب إن عظمـت ذنوبي كثرةً *** فلقـد علمتُ بأن عفوك أعظمُ
مالي إليك وسيلةٌ إلا الرجا *** وجميل عفوك ثم إني مسلمُ
اِلهِي عبْدُكَ الْعَاصِي اٰتَاك *** مُقِرًا بِالذُّنُوْبِ وَ قَدْ دَعَاكَ
اِنْ تَغْفِرْ وَ اَنْتَ لِذاكَ اَهْلٌ *** وَ ِانْ تَتْرُدْ فَمَنْ نَرْجُو سِواكَ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى