دراسات و مقالات

مرافيء ( قصيدة : المســـاء لأبي ماضي !! )


السعيد عبد العاطي مبارك


الشاعر اللبناني المهجري إيليا أبو ماضي

” السحبُ تركضُ في الفضاء الرّحب ركض الخائفين

و الشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين

و البحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين

لكنّما عيناك باهتتان في الأفق البعيد

سلمى … بماذا تفكّرين ؟

سلمى … بماذا تحلمين ؟ “

” من قصيدة المساء “

—————-

قصيدة للقراءة و الاستمتاع لمعايشة تجربة النص في فلسفة جمالية بكافة ظلاله ودلالاته الفنية و سحر لغته و مفرداته و طلاقة بلاغاته و همس ايقاعاته نتأمل مدي صدق الفلسفة عند ايليا أبي ماضي الشاعر المهجري العاشق الرومانسي الذي حمل هموم الوطن و المحبوبة في اقامته و ترحاله ثم العودة البائسة اليائسة بعد ان تحجرت كل معطيات الحياة أمامه فصمت يشكو الي البحر همومه و يبكي أفراحه حزنا و كمدا وبوحا فحالته تبعث الحيرة و القلق رحم الله أبا ماضي فيلسوف الحب و الجمال ذات الروح المرهفة شكلا و مضمونا في نبوءة المغني الحزين و العاشق المسكين … 
كانت نظراتي السريعه في عالمه !!.

إيليا أبو ماضي شاعر لبناني معاصر من شعراء المهجر في الولايات المتحدة الأمريكية ولد في قرية المحيدثة بناحية بكفاية في بلاد لبنان حوالي عام 1889 وتوفي عام 1957 …
إيليا أبو ماضي شاعر عربي لبناني يعد من أهم شعراء المهجر في أوائل القرن العشرين. نشأ في عائلة بسيطة الحال .

مع قصيدة ” المساء وايليا أبو ماضي ” : 
————————————- 
السحبُ تركضُ في الفضاء الرّحب ركض الخائفين

و الشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين

و البحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين

لكنّما عيناك باهتتان في الأفق البعيد

سلمى … بماذا تفكّرين ؟

سلمى … بماذا تحلمين ؟

*

أرأيت أحلام الطفوله تختفي خلف التّخوم ؟

أم أبصرت عيناك أشباح الكهوله في الغيوم ؟

أم خفت أن يأتي الدّجى الجاني و لا تأتي النجوم ؟

أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنّما

أظلالها في ناظريك

تنمّ ، يا سلمى ، عليك

إنّي أراك كسائح في القفر ضلّ عن الطّريق

يرجو صديقاً في الفـلاة ، وأين في القفر الصديق

يهوى البروق وضوءها ، و يخاف تخدعه البروق

بل أنت أعظم حيرة من فارس تحت القتام

لا يستطيع الانتصار

و لا يطيق الانكسار

*

هذي الهواجس لم تكن مرسومه في مقلتيك

فلقد رأيتك في الضّحى و رأيته في وجنتيك

لكن وجدتك في المساء وضعت رأسك في يديك

و جلست في عينيك ألغاز ، و في النّفس اكتئاب

مثل اكتئاب العاشقين

سلمى … بماذا تفكّرين ؟

*

بالأرض كيف هوت عروش النّور عن هضباتها ؟

أم بالمروج الخضر ساد الصّمت في جنباتها ؟

أم بالعصافير التي تعدو إلى و كناتها ؟

أم بالمسا ؟ إنّ المسا يخفي المدائن كالقرى

و الكوخ كالقصر المكين

و الشّوك مثل الياسمين

*

لا فرق عند اللّيل بين النهر و المستنقع

يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّع

إنّ الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقع

لكن لماذا تجزعين على النهار و للدّجى

أحلامه و رغائبه

و سماؤه و كواكبه ؟

*

إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها

لم يسلب الزهر الأريج و لا المياه خريرها

كلّا ، و لا منع النّسائم في الفضاء مسيرها

ما زال في الورق الحفيف و في الصّبا أنفاسها

و العندليب صداحه

لا ظفره و جناحه

*

فاصغي إلى صوت الجداول جاريات في السّفوح

واستنشقي الأزهار في الجنّات ما دامت تفوح

و تمتّعي بالشّهب في الأفلاك ما دامت تلوح

من قبل أن يأتي زمان كالضّباب أو الدّخان

لا تبصرين به الغدير

و لا يلذّ لك الخرير

*

لتكن حياتك كلّها أملا جميلا طيّبا

و لتملإ الأحلام نفسك في الكهولة و الصّبى

مثل الكواكب في السماء و كالأزاهر في الرّبى

ليكن بأمر الحبّ قلبك عالما في ذاته

أزهاره لا تذبل

و نجومه لا تأفل

*

مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات

إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة

فدعي الكآبة و الأسى و استرجعي مرح الفتاة

قد كان وجهك في الضّحى مثل الضّحى متهلّلا

فيه البشاشة و البهاء

ليكن كذلك في المساء

نتمني أن تكون قصيدة المساء تعكس حالة شعورية تجريدية رمزيه في حياتنا فما أجمل بوح أبي ماضي في تلقائية وصدق مؤثر تجربة واقعية تشخص مشهد مر به في حباته
وديوانه كلما اطالعه يستوقفني فصولة المتنوعة و الرشيقة في رسم لوحاته الفنية دائما مع الوعد بلقاء متجدد 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى