شعر

في غفلةٍ منك…

سليمان أحمد العوجي

في غفلةٍ منك…
يتسربُ نبيذُ الحلمِ
في شقوقِ النومِ
لا الليلُ يكفيكَ
ولا كفكَ المبتور
يمسكُ بالنشوةِ
في غفلةٍ منك…
تذرفُ أثداءُ السنابلِ
بيادراً من وهم
ورحى المذلةِ لها جعجعةٌ وطحينٌ من كرامات…
لشتاءِ الجاهليةِ
يكتنزُ المنكسرون هزائمَ
وقصائدَ بلا ريش!!
في غفلةٍ منك…
وقليل من المساء
يكفي ليخمدَ صدري سكينتهُ…
تضيعُ غزلانُ نذوري
في دغلِ المعاصي
أُشعِلُ حريقاً
أُريقُ زيتَ الغضبِ
وأمشي في جنازةِ النهارِ
كقاتلٍ محنك..!!
قليل من المساء
يكفي ليرشقني الصغارُ
بسهامِ العتبِ
حينَ تتملصُ أزرارُ الدفءِ من عروةِ الموقدِ
وتزدحمُ ردهةُ الصدرِ
بجنازاتِ العصافيرِ
في غفلةٍ منك…
وعلى مرمى تنازل
شموسُ الخرَّاصين*
تزيِّن الصروحَ…
و(قارونُ) يجبي الخراجَ
من العروقِ ويعتصرُ الخروقَ…
في غفلةٍ منك…
تمرُ الريحُ من بينِ سيقانِ الممالكِ
يحطُ الحمامُ على صخرةٍ بينَ فصلين
من هلاك…
ويُغَلُّ الهديلُ في حناجرِ
الأشقياء…
لا أحدَ يصدقني
أني كنتُ قبلَ الصدى صوتاً….
وقبلَ اليباسِ طُخُّيةً*
يمورُ فيها القطرُ..
وأني كلما دوَّنَ (فرعون) كذبةً على سبورة الرحمةِ
حرضتُ( هامانَ) ليدكَّ
أسوارَ الغفلةِ ويمحوها
في غفلةٍ منك…
يغمضُ التاريخُ عينهُ
ريثما تمرُ قوافلُ الأباطيلِ …
وتلوذُ بخطاياها أراجيفُ من ماءٍ وطين
في غفلةٍ منك…
حتى الليلكُ الليليُ
يخشى أن يفتحَ أكمامهُ
فيلجُ اللصوصُ عنابرَ الشذا..!!
في غفلةٍ منك…
تقيأت مرآةُ الليلِ ذئاباً
وتزينت كوابيسهُ بأقراطِ الرعبِ
وخلاليلِ المنكوبين
في غفلةٍ منك…
فرقتنا الأمنياتُ
ولازالت الحربُ تستريحُ
في جيوبِ الهدنةِ
تغازلُ أرواحَ المارةِ
بخبثِ حسناء منقبة بالثأرِ….
وأمهاتٌ ينشفنَ صدورهنَ من بللِ الفاجعةِ…
ويرتقنَ أسماءَ الشهداء
بإبرةِ التضرعِ وخيطٍ من بكاء…
وأنا لازلتُ أحَصِنُ نفسي
برقيةِ التجاهلِ ريثما يكبرُ القطرُ في رحمِ السحاب…
أيها الغافلُ:
ليتني أعودُ القهقرى
إلى زمنِ الولادةِ الأولى
لأفصِّلَ سجيةً على مقاسكَ تقيكَ بردَ الزمان…
أرممُ لكَ جدارَ النوايا
وأدثركَ بعباءةِ الحذرِ
أعزلُ السياجَ المتآمرِ
الذي جففَ الحزانى من دمعهم وباعهم حطباً
في غفلةٍ منك…
تستقيلُ أعمارنا
وتذوبُ كالملحِ في إناء الصبرِ…
وطني:
كم نبي يلزمنا
ليستقيمَ كلُ هذا الخراب…!!!.
——–
*الخراصين: الكذابين
* طخية: قطعة من السحاب

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى