دراسات و مقالات

( في انتظار الشمس ) الشاعرة الإماراتية صالحة غابش – 1960 م

بقلم تغريدة الشـــــــــعر العربي السعيد عبد العاطي مبارك الفايد

( وأشعاراً يغنيها هزارُ الحبِّ
تلاشي عنه أنّات المواويلِ
وتهربُ من دموع الناسِ أنسجة المناديلِ
بسطتُ مدى خيالاتي
إلى ما خلف كلِّ حقائق الآلام . . .
أصداء الأقاويلِ
لأشعل غابة الظلمة
بأنفاس القناديلِ )

” من قصيدة مسافرة ”
——–
مع ( رحلة بثينة )
«بمن يا بثين تلوذين»
القلق طريقي إلى القصيدة — !!
و من ثم تبوح بحروف الوجد بين ظلال الليل تعترف بوجع البحث بين متاهات المجرة :
يغيب المساءُ
وراء سديم انتظاري
ويتركني في بقاياهُ
أشعل صمت افتقادي إليك

من دولة الامارات العربية نحلق مع شاعرة تعشق الشارقة بين ظلال دبي التي تغازل العالم بثوبها القشيب أنها المتألقة رمز الثقافة الأنثوية المعاصرة ” صالحة الغابش ” التي تسافر مع وادي الاغتراب تستحضر لحظات الصبا و تستلهم عبقرية الوادي الذي ترسم ملامحه الفتية من خلال لغتها التي درستها ووعيها الذي تمارسه درسا عمليا في خضم المجتمع تعانق الرومانسية و القضايا الاجتماعية و تتسلل الي مخادع الأندلس تقف مع التراث و التاريخ بل تمضي مع عهد الطفولة تجسد الحياة الوليدة بألوانها المتفردة هكذا تمضي تمتلك كل عناصر العمل الفني في اطار المقومات التي تؤهلها لاقتحام مملكة الابداع —-

ولدت الأديبة والشاعرة الاماراتية صالحة عبيد غابش في الأحمدي بدولة الكويت عام 1960 م حين كان والدها يعمل هناك
ثم رجعت بعد غربتها تواصل تعليمها داخل موطنها الملهم الأول لها من خلال الذكريات فهي حاصلة على البكالوريوس في تعليم الدراسات الإسلامية واللغة العربية من جامعة الإمارات
عملت مدرسة للرياضيات واللغة العربية
وقامت بدراسات ما قبل الماجستير بدار العلوم في القاهرة.
وهي حاليا مدير عام الإعلام والثقافة في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة
ومديرة تحرير مجلة مرامي.

وهي شاعرة وقاصة وروائية وكاتبة …
و عضو في اتحاد الكتاب العرب، وعضو في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وعضو رابطة أديبات الإمارات
، وترأست إدارة الشؤون الثقافية في أندية السيدات بالشارقة

و شاعرتنا تمتلك مفاتيح الفنون الجميلة فتنطلق في اشراقياتها تعزف متواليات النهر بلحن العبقرية الخالدة
جسرا يمدها بالأصالة و العراقة مع معطيات البيئة الخلابة في قلب الخليج يمسح دموع البؤساء فتقول من قصيدة ( بنت النهر ) :
أحاول مد السعادةِ جسراً إلى موطن البؤساء
أحاول أن أبني الشعر بيتاً ليسكنه الفقراء
أحاول أن أُسمع الناسَ من وتري أغنية
مخضّبَة بالسَّناء

مع مشوارها الشعري كتبت إ صالحة غابش القصيدة العمودية المقفاة و التفعيلة الحر و قصيدة النثر و الفصيح و الشعبي و أجناس الأدبي العربي الحديث رواية و قصة قصيرة و رواية و مسرحية و مقال و اعمال تلفزيونية و ناشطة — الخ ايمانا منها برسالة الأدب للمجتمع معا
و تتجلي الكلمات مع دهاليز الاغتراب في ميعة الصبا فتصور تباريحها وشما يترجم خلجات نفسها التي تشرق بالغزل و الجمال فتقول في صدق و تلقائية :
وحدتي يا ربعُ طالت في الصحارى
وغيومُ الودقِ ما زالت حيارى
تائهات في سرى الأعوام عني
أم تراها تبتغي عني فرارا
عافني حتى الندى أشتاقه في
صحوِ فجرٍ زفَّ للكونِ نهارا
صدرت لها عدة دواوين شعرية منها:
* بانتظار الشمس/من إصدارات اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات عام 1992 .
* المرايا ليست هي/من إصدارات اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات كذلك عام 1997 .
* الآن عرفت /من إصدارات الدار المصرية اللبنانية عام 1999 .
* بمن يا بثين تلوذين/من إصدارات دائرة الثقافة والإعلام لحكومة الشارقة عام 2002 .
= وفي المجال القصصي والمسرحي صدر لها: ( نداء من هناك )، و( رحلة بثينة )، و ( المرأة والسلطة )

= و رواية «رائحة الزنجبيل».

و تسير مع حكاية المرأة العربية و لا سيما مع بثينة بنت المعتمد تستعرض هذه الجنة الضائعة و حضور العرب هناك في الأندلس و دور المرأة في هذه الحياة الجديدة —
و تقول الشاعرة صالحة غابش في قصيدة لا تنكروا أني سبيت :
تبوح الليالي
وكل المسامع غادرن مملكة المعتمد
وكنَّ وصيفاتِ عرشِ هزيمتِهِ
يرتبن منفاهُ في العربات غناء جريحاً
هوى في دموع بثينة
وكلُّ القلوب جنودٌ مُخَشَّبَة عندَ بابِ حراستِهِ
نبوحُ
فتطفو اللغاتُ بحرفٍ هجين
تُمجِّدُهُ كائنات الخيانة
و تظل تنسج بملامحها الشرقية الحلم الأنثوي بين ظلال صهيل الخيول العربية و البيئة البدوية و البحر و اللؤلؤ و صخب المدن بين غبار المارين في وحشة حيث ترسم الصور و الرمز و الدلالة في تعبيرات تكتظ بالاخيلة و الجمل الناطقة بروعة الجمال في جرس موسيقي يتناغم مع الناظر الي رياحين البساتين النائمة :
تريدين ألاّ تكوني . .
ولكنه البحرُ
والشط
واللؤلؤ المتمحور في امرأةٍ
شارقيَّتِها حلمٌ
يتمهل في أعين العابرين
وأنتِ التي تقفين على مفترق المدن
الخربة
يرمم صوتك وحشتها إذ تنادينه يا جميل
بثينتك الشهد يصنعها نحلُ غيبتِك
الموحشة
فموسمها ينحت الملح نصباً
لأشباحك الحاضرة . .

ت و من ثم تنطلق في جرأة أنثوية مع الداخلين الي مستنقع الحياة تتحدي الصراعات و الاوجاع مع الفارس المغيث حول القدس الجريح تصنع عبقرية النصر و سط المخيم العربي الغائب — مشهد تاريخي له انعكاسات حديثة من البعد الزماني و المكاني كما تقول في قصيدة داخلون :
فقم لا تكن مثلهم
وجئني بملء الكرامة مهراً
أنا في انتظارك منذ قرابة خمسين عاماً
ومهري المغيَّبُ بين ركام الهزائم ضاع فجدْهُ هناك
براية نصرٍ على القادمين بأسفارهم
وأكاذيب يأنفُ عنها النبأ
بسيفٍ تجرَّدَ عنهُ الصَّدأ
بزلزلة في خطابِك تعلنُ أن الجهاد بدأ
فقم لا تكن مِثلهمُ
وجئني بقدس الحبيبةِ مهراً
وقل يا حبيبة إنا انتصرنا
فهل قلبك العربيُّ هدأ ؟ !
مختارات من شعرها :
——————–
زاوية
*أهرب إلى زاوية من العالم-
أصحب معي أجمل أشيائي
*كي لا أكون وحيدة-
في تلك الزاوية..
*أشكل منزلا صغيرا-
لا يسع أحدا سواي
*أرتب غرفة للكتابة-
وغرفة لتناول الشاي مع ظلي
*وغرفة أستقبل فيها طيف الصديقات-
وغرفة أستكمل فيها
* نحت أحلامي المنتظرة-
أسترد نفسي من الزاوية..
* كلما ظننت أن-
حلما يتجسد لي
* ويدق بابي-
غريب
* كأنه صوت أغنية-
على باب الشتاء هجرت بلا موقد
* يبيت على وسادة حزنها-
من دون أغطية
* سوى بعض القصاصات التي كانت-
دفاتر تحفظ الموعد
* غريب في مدائننا-
يقال بأنه أسطورة مرت
* قريبا من مساكننا-
كأنه عندليب دائم السفر
* يفتش عن قلوب تشبه الصحراء صامتة-
وما زالت تخاف الليل والأحلام
* تخشى بنبضة المطر-
ملامح تشبه الإنسان
* وفيه يبحث الاثنان عن بعض-
وتتعب منهما الأسفار
* والطرقات-
وكل خرائط الدنيا
* وإن لم يلتق النبضان في نبض-
وإن رفضتهما أنشودة العشق
* ستبقى رحلة العشاق-
ترفض مبدأ الرفضِ
نتمني نكون قد وفقنا في هذه التغريدة الرائعة لشاعرة الشارقة التي تظلل حروفها بقيم الجمال و الفلسفة في ابداع متنامي يفتح مسارات و مداخل الفنون الجميلة كي تنهض بكل مقومات الحياة الوليدة من زوايا مختلفة هكذا رسمت لوحاتها ببراعة و لم لا فهي أيقونة البيت السعيد في الشارقة مع تهويمات الشاعرة و القاصة و الكاتبة الاماراتية ” صالحة الغابش ” التي أفرزت لنا خليط أدبي ثقافي عربي خالد بروح المعاصرة تتلقاه المكتبة بشغف فهو تاريخ واقعي يحكي قصص بطولية عربية تربط حلقات التاريخ دائما

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى