بَوحٌ من الأعماقِ يَعبُقُ عَنبَرا
رفضَ الكتابةَ أنْ تُباعَ و تُشترى
يختالُ كالعطرِ الثمينِ تضوُّعاً
و يَمُدُّ بَحْريَ من عطورهِ أَبْحُرا
ألقٌ سَيُخْجِلُ في الشِّمُوعِ ضياﺀَها
كالبَدرِ أشرقَ في المساﺀِ فأَقْمَرا
ما قال يا حُللَ المِلاحِ تَجَمَّعي
عِقدَاً لنمنَحَ لِلملُوكِ و جوهرا
بل قال ياحوُرَ البلاغةِ حَاوُري
شَجَنِي على خَمْرِ القَرِيضِ لِنَسكَرا
و هُنا مَخَاضُ مَنَاجِمٍ لِكِنوزِها
قد حقَّ أنْ نجْفو المَنامَ و نسهراْ
لنشُبَّ من وجَعِ السِّنِينِ قصيدةً
من مَوقدٍ فيه الأنينُ تجَمَّرا
و لِنُخبرَ الفَارِّينَ مِنْ رَمْضَائِهِم
أَنَّا سِيُولٌ لا تَسِيرُ القهقرى
فإذا الزَّمانُ تَكشَّرتْ نكَباتُهُ
عَرَفَتْ بأَنَّا لنْ نَلِيْنَ و نُكْسَرا
فكم اِحتوَتْ تلك المدائنُ والقُرى
أَلَمَاً على ألَمِ السنينِ تصَبَّرَا
يا ليلُ لو لَمَعَتْ بروقُك أبصرَتُ
عُميُ الغمائمِ أينَ ظامئةُ الثرى
وتنفَّسَتْ مُهَجُ القبورِ وأخرجَتْ
شُهُباً تُصِرُّ بأَنْ تعيشَ و تُذْكَرَا
يا آخرَ السبعِ العجافِ تعجَّلي
ليَجِيئَ عامٌ بالرَّخَاﺀِ مُبَشِّرا
ليُغاثَ فيه الناسُ مُزْنَ كَرامَةٍ
لِنَكيلَ منْ دُرَرِ الغِلالِ و نَعْصِرا
و ننالَ جائزةَ ٱِصطبارِ جِراحِنا
و نُحِيلَ صُبَّارَ المَواجِعَ سُكَّرَا
في الموسمِ الآتي ستُزهِرُ كَرْمُنا
و الصَّخرُ يَنْبَجِسُ عيوناً ….أَنْهُرا
و سَنَحْلِبُ الغيمَ الهَتونِ نبيذَها
و نُحيلُ رَمْلَ الأرضِ فرشاً أخضرا
ستعودُ للأرضِ الكَهولِ طِفُولَةٌ
و سنمنحُ الأعمى الضياﺀَ لِيُبْصِرَا
و الأرضُ تُنبتُ من دماﺀِ شهيدِنا
ورداً يفردسُ في السهولِ وفي الذُّرَى
و تعودُ أَرْغِفةُ الجياعِ رغيدةً
للصابرين العائشينَ تضَوُّرا
تتمخَّضُ الأيامُ فجرَ خلودِنا
لن تجْهلَ الدُّنيا البيانَ و تُنكرا
عزفَتْ بشاراتِ الشروقِ ربابتي
عزفاً لِيَختطفَ القلوبَ و يأسَرا