خواطر

عيناي شاهدةٌ: تكتبها جميلة الصالح

في كلِّ فجرٍ تتيبَّسُ الأجفانُ

توقظُ قطارها ناعساً ثم تسير

على هدى الأهداب الريح

ترتحلُ.. خطوةً.. خطوتينِ.. على الدروب

وهي تسيرُ تسرقُ رجلاً.. -هكذا بدا-

أنهكتهُ تجاعيدُ السنين

يشبهُ أحداً أعرفهُ

ربما بائعُ الحلوى..على باب مدرستي

يجرُّ أسمالَ ذكرياتهِ.. وعربةً عتيقة

وبعض أشياءٍ

تتوقفُ في أول محطة وتنزله

عيناي شاهدةٌ

…………

تحملُ طفلاً يتوسَّدُ حلماً تحت أقدامِ المارَّة

تعجبها رفاهيةَ بؤسهِ

على ذاااااكَ الجسدِ المسنِّ…طفولةً

يلتهمُ يتمهُ لقيماتٍ تشققَ صوتهُ خرساً لطعنها

ثمَّ تنزلهُ في محطةٍ جديدة

عيناي شاهدةٌ

…………..

تستقبلُ سيدةً استعارت ملامحَ أمي

أكادُ أعرفها

تلفُّ ذاكرتي…تدور

يشيخُ تفكيرها من شدةِ الزحااام

فالركابُ كُثُر

كأنها أختُ مدينتي

لا أدري

تمسك بين يديها منخلاً…

تركضُ خلف الغيث

تصبُّ فيه أضغاث أمواهٍ متمرَّدة

وتهجو في ضحكاتها الشمسَ العبوس

لا شيء إلا الماء…ومنهلٌ مجنون

ثمّ تنزلُ في محطّة

عيناي شاهدةٌ

…………

هاهو راكبٌ جديد

شابٌّ يرتدي نظارة

في يده كرّاسة

وبعضُ أقلامٍ نزحَ حبرُها

يصرُّ يدهُ الأخرى لا أدري مايُخبِّىء

ربما ورقةً نقدية

ربما لحبيبته هدية

أو ربما يقبضُ على أُمنية

أو ربما غاضبٌ

لااا أدري ماذا أخْبَأ

يغادرُ القطارَ في محطّة

عيناي شاهدةٌ

…………

هذا راكبٌ جديد

جُنديٌّ يحملُ بندقيَّة

وجعبةً مليئةً ؟

بطفلهِ الوليد..زوجتهُ..حبيبته..أم أخيه؟

أم خريطةً ونهر؟

أم…وأم؟

كُمُّه الفارغُ تتأبطهُ الريح

وقدمٌ تعصاهُ خطوتُه

جبينُهُ مرقَّمُ الأعوام

ويركبُ في القطارِ..لآخر المحطَّة

الرجلُ يحاولُ النزول

الطفلُ يحاولُ النزول

والسيدة كذلك

والشابُّ يبحثُ عن نزول

الجنديُّ يقفُ في آخر المحطَّة

عيناي ترغبُ في النزول

وتبحثُ عن آخرِ محطَّة

وتبقى شاهدة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى