قصة

طلاق زهرة

ثروت مكايد


1
لم يكن زواجي من زهرة الساعاتي قدرا حسنا..إي والله لم يكن قدرا حسنا بالمرة. وما كان ذلك لسوء في سلوكها أو عيب في جسدها..لا..لا..إنها – والحق يقال- آية في الأخلاق ، وهي بعد مقبولة. ليست فاتنة ، لكنها ليست دميمة أيضأ .إن ما يبعثر خاطري ويزلزل بنياني إنه التزامها الشديد. التزامها الذي فضحني أمام نفسي..ليس أصعب على إنسان مثلي من رؤية آخر يلتزم …أووه..فما بالك إذا كانت هي التي تحيا معي وتشاركني الفراش ! . نعم ..هي لم تتحدث معي في شيء. لم تقل لي أنت برغوث صغير..قملة..بقة..لا ..لم تقل لي شيئا من هذا قط ، بل لم تشعرني بهذا قط؛ وهذا مما يزيد من ألمي وكرهي لها . أحيانا أتمنى أن أضبطها مع رجل..إي وربي خطر لي هذا ذات يوم.وفي يوم تعمدت أن أسهرها الليل حتى إذا أذن الفجر ثقلت نفسها، وركنت إلى الأرض لكنها – واأسفاه ! – انتفضت قائمة كمن لدغه ثعبان رغم طول السهر ، وأقامت الصلاة بوجهها الملائكي البغيض ! . يا لها من آلام لا تنتهي أبدا مع تلك الزوجة ذات الخلق! ، على أنني قد انتهيت إلى قرار لابد من اتخاذه وإلا أصبت بالجنون..نعم..لا بد أن ..أن تبتعد عن حياتي كلها.
2
مبكرا على غير عادتي عدت إلى المنزل . كانت تقرأ في كتاب..كتاب ما..لا يهم..نعم لم تكن تقرأ في وجودي خاصة بعد أن أعلنت أمامها أنني أبغض الكتب بغض الفئران للقطط. كم تمنيت أن أمزقها أو أبيعها لبائع طعمية غير أني لم أجد مبررا لهذا..واليوم بعد أن عدت ووجدتها تخالف أمري فإن الفرصة سانحة لاختلاق مشاجرة و…قلت :
– ألم أخبرك بأنني لا أحب القراءة ؟!
– أنا لا أقرأ في وجودك.
– هأنتذي تقرأين ..
– لا تعكر صفوك ..
وقامت إلى مكتبتها ، لتضع الكتاب، وقلت :
– لا أحب أن أرى في منزلي كتابا..
– لمه!
– ألا يكفي أني لا أحب هذا !
– لو أقنعتني ، لأهديتها لأ…..
قاطعتها وقد أخذ الغضب بخناقي :
– ما أقوله ينفذ دون لو ولولا وإذا..
ابتسمت دون أن تنبس ، وراح داخلي يغلي ، وزاد يقيني بضرورة الانفصال.
3
طارت علة طلاقها في الآفاق حتى اختنقت . كلما ذهبت إلى مكان استقبلني الهمس الذي سرعان ما يطن في أذني حتى أن لقب ” عدو الكتاب ” صار جزءا من اسمي. ” عدو الكتاب ” راح ، ” عدو الكتاب ” جاء ، ذلك الحبل الذي التف حول عنقي، فازدادت كراهيتي للكتب..ولها . وقال ناظر المدرسة التي أعمل مدرسا بها :
– لا أدري صحة الإشاعات التي تحيط بك غير أنه لا دخان دون نار..
ولما لم أنبس، أردف حضرة الناظر :
– إذن فالشائعات صحيحة ؟
قلت وأنا أعلنه في سري :
– ذلك شأن خاص .
– لكنك مدرس..
– ماذا تقصد ؟
– مدرس يكره الكتب!، كيف تحل هذا اللغز ؟!
واشتعلت نفسي حقدا عليها وبغضا .
-4-
كسرطان نما الخبر حتى أصبحت أشهر من لاعبي الكرة. ومن عجب أن أناسا ممن لا صلة لهم بالقراءة من قريب أو بعيد أصبحوا يتندرون بكراهيتي للكتب حتى إن فكهاني حارتنا قد أنبني على ما بدر مني وأنا أتميز غيظا ولا أستطيع الرد . ليتني ما طلقتها فكما كان زواجي منها قدرا غير حسن فكذا طلاقها لم يكن قدرا حسنا بالمرة .
تمت.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى