دراسات و مقالاتوسائط
صلاة النار ٠٠الشاعرة الأردنية نبيلة الخطيب – ١٩٦٢ م
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد
رُدي إليك بهاء وجهك
قد أثرتِ بيَ الشجنْ
فرضابك المعسول
أشرى بين أوصالي
الحرائقَ والفتن
أدمنتُ حبكِ واعتنقتك
ومضيت ألهث خلف طيفِك
ولقد وهبتك جلَّ عمري
أنكرتِني..وسلبتِ مني جذوتي
مُرّ فراتُك
غائرٌ ماء الحياة
إلى قرار الموتِ
في كَنف السرابْ
والشامخاتُ من القصور
برغم زينتها..
خرابْ ٠٠
( من قصيدة : هجرك وصالك )
٠٠٠٠٠٠
من المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة نتوقف مع شاعرة من الزمن الجميلة تمتلك وجه القصيد في أصالة و لغة و تعبير و تجليات صوفية و غزلية ووطنية تعانق الفن الشعري بكل خصائصه الأولية في روح مداعبة وانطلاقة بلا حدود بمشاعر صادقة مؤثرة في واقعية بين خطوط ترسم ملامح فجر الفكرة و نبض الوجدان معا ٠
إنها الشاعرة الدكتورة نبيلة الخطيب الضاربة بجذورها المقدسية في واحة الزرقاء من تراث الزيتون ٠٠
ولمَ لا فهى شاعرة تتميز بدفقة شعرية ذات النفس الطويل فشعرها بمثابة أشبه بالملحمة تمضي بين عيون الغزل وجمال الوطن في ثنائية تحكي مهد العلاقة ذات جذور تفوح منها عبقرية الكلمة في لغة رصينة وصور جميلة وايقاعات قوية تتدفق مثل شلال الماء الذي يغني بين أهداب الصخر في تلاقي حميم هكذا ٠٠
كما نال شعرها مناقشات في رسائل علمية ٠٠
وهى عضو في رابطة الأدب الإسلامي العالمية ٠
أليست هى القائلة في قصيدتها المكثفة القصيرة ( غابة صبار ) :
أَعياني نزعُ الشوكِة
في الحُلكة
فانتشر الوخزُ
بكل شراييني
كالنار..
يا الله..
أصبح جسمي
غابة صَبّار ٠
* نشأتها :
======
وُلدت الشاعرة الأردنية نبيلة طالب محمود الخطيب ، في عام ١٩٦٢ م ، بمدينة الزرقاء في الأردن ٠
– نشأت في قرية الباذان قرب مدينة نابلس في فلسطين .
– حاصلة على الشهادة الجامعية المتوسطة في اللغة الإنجليزية عام 1986.
– حاصلة على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من الجامعة الأردنية عام 1996 .
– عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية , ورئيسة الأديبات الإسلاميات في المكتب الإقليمي/الأردن الذي يضم منطقة بلاد الشام والعراق.
– عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب .
– عضو رابطة الكتاب الاردنيين .
– عضو مؤسس في منتدى الفحيص الثقافي .
– عضو النادي العربي للثقافة والفنون .
– عضو شرف في المركز العربي للثقافة والفنون – أربد .
– عضو شرف في منتدى الكرك الثقافي .
– شغلت عضو هيئة تحرير مجلة أفكار الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية عام2002-2003م
– عضو هيئة تحرير في مجلة “وسام” للأطفال الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية.
– عملت في حقل التدريس.
– تفرغت للحياة الأدبية والعمل الإعلامي منذ عام 2006.
* إصداراتها إنتاجها الادبي:
————————-
– صبا الباذان – ديوان شعر- الطبعة الاولى- 1996.
– صبا الباذان – الطبعة الثانية – 1996.
– ومض الخاطر – ديوان شعر – صدر بدعم من أمانة عمان 2003.
– عقد الروح – ديوان شعر الطبعة الأولى-2007
– صلاة النار – ديوان شعر الطبعة الأولى – 2007 .
– بأبي أنت وأمي- شريط وقرص مضغوط أداء فرقة الاعتصام صدر عام 2005م
– عدة أشرطة صوتية ملحنة أديت بأصوات عدة صدرت عن دار المنهل ومؤسسة روابي المدينة ومؤسسة غرابلة للإنتاج الفني وغيرها صدرت عام 2005م، منها دروب المجد، يا وطني، هيا إلى
الإيمان، نادي القراءة وغيرها..
–
* الجوائز التي حازت عليها :
– الجائزة الأولى في الشعر في مسابقة رابطة الكتاب الأردنيين عن قصيدة ” عندما يبكي الأصيل ” 1995.
– الجائزة الأولى في الشعر في مسابقة الشعراء الشباب في الجامعات الأردنية 1996.
– جائزة السيدة الأولى في الشعر من ” مجلة السيدة الاولى” الكويتية عام 2000عن مجمل نشاطها الأدبي .
– أفضل عمل محلي – الجائزة الثالثة في المهرجان الاردني السادس لأغنية الطفل العربي عن قصيدة “أرجوحتي” 2000.
– الجائزة الأولى في مسابقة رابطة الأدب الإسلامي العالمية للأديبات عن ديوانها – عقد الروح- حزيران2001 .
– الجائزة الأولى في مسابقة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الشعرية – الكويت – عن قصيدة ” صهوة الضاد ” أيلول 2001.
– الجائزة الذهبية في مهرجان الاذاعات العربية – القاهرة عن قصيدة “اليتيمة” 2003 .
– الجائزة الاولى في مسابقة نشيد الكشاف المسلم عام 2003 .
– جائزة البجراوية عن الشعر العربي الفصيح من الخرطوم عام 2005م ٠
مختارات من شعرها :
=============
و لها في محراب الصوفية تجليات ٠٠ بعنوان ( يا عازفَ النايِ ) حيث تسبح بمشاعرها الرقيقة حول تأملاتها في رحلة شجن وبوح بأنفاسها المحترقة فتقول نبيلة الخطيب :
ما أبكاك أبكانا
يا عازفَ النايِ صوتُ الناي أَشجاني
قل أَنتَ بيتاً وخُذْ من آهتي الثاني
ما كِدْتَ تنفخُ حتى باحَ ما كَتَمَتْ
أنفاسُ صدرِكَ من حزنٍ فأبكاني
* * *
يا عازف الناي شَدْوٌ ذاك أَم نوحُ؟!
أَراك تبكي، أعزَّ القول والبوح؟!
أَضعتَ خِلاًّ أَم الدنيا بأكملها
أَم غارَ فيكَ إلى أَعماقك الجرح؟
* * *
يا عازف الناي ما أبكاك أبكانا
نبكي ديارا وأحبابا وجيرانا
ودّعتُهم سَحَراً والمر ملء فمي
والشوق أوقدَ في الأحشاء نيرانا
* * *
يا عازف الناي قل للناي عن ألَمي
وصِفْ سيولا جرَتْ من أَدمعي ودمي
لعلَّ لحنك يحكي ما أُحسُّ به
فاللحن أَبلغ تعبيرا من الكَلِم
* * *
يا ساكب الدمع جفَّ الدمع من عيني
ظمئتُ فابحث بهذا القفر عن عين
لمّا تخافَتَ صوتي في مسامعهم
أرسلتُ أَسألُ عن أخبارهم عيني
* * *
يا ساهد الطّرف أَمسى فيَّ ما أمسى
الموتُ قاسٍ، ولكنْ هجرهم أَقسى
أَمَا سألتَ نجوم الليل كيف مضى
ليلٌ على المرءِ لا يغفو ولا ينسى؟!
* * *
دارِ الجراحَ فلا يدري بها بشرُ
وقُلْ لنفسك ذا ما شاءه القدر
واصبر فإنَّ هموم النفس تفتنها
فخيرة الخلق نالوا الخير إذْ صبروا!! ٠
* **
و تقول د٠ نبيلة الخطيب في قصيدة رائعة بعنوان( من أغضب البحر ؟! ) وهى ملحمة مطولة تختصر مدى تجربتها في رمزية تتشبث بلوعة في حوارية تشخصية البحر في مناقشات متوالية :
ارفع جبينك لا أحبك مطرقا
واجعل من الآلام أسما مرتقى
إن كانت الأجسادُ فرّقها النوى
في كل حينٍ للخواطر مُلتقى
أوَلستَ تدري أن حبك آسرٌ
ولئن أسرتَ فلا إخالك مطلِقا
لله درك من يزورُك مرةً
يبقَ الحنينُ يحثه نحو اللقا
لله درك من سخيٍّ مُنعِمٍ
تروي، وهل يروي الأجاجُ من استقى
ومنازلُ الإلهام فيك فسيحةٌ
والشِعر إذ أعليتَ منبرَه ارتقى
ما كنتُ أنسى عندما لاقيتني
وضممتني والشوق فينا أونقا
وتناغمت أنغامُ قلبينا معاً
وانساب دمعٌ في العيون ترقرقا
ألقيتَ بردتك السماءَ على المَدى
وزففتني شمساً له فتألقا
وأشرت للشمس اغربي فتوشّحتْ
حتى بدت صحناً هوى فتشققا
ودعوتَ هبّات النسيم فأقبلتْ
وطلبتَ بعضاً من شذىً فتدفقا
وأمرتَ نجم الليل يحرس جمعَنا
فاستلّ أشهُبَه وبات محدّقا
ونوارسُ الشطآن حين تجاورتْ
بعضٌ رنا والبعض باح وزقزقا
أحديث نفسٍ قد أثارك يومَها؟
والموجُ أزبد غاضباً وتعرّقا
والصدر أمسى صاخباً متلاطماً
والجوف أضرم غيرةً فتحرّقا
يا بحر روّعنا اصطخابُكَ وقتها
وانفضّ مجلسنا له وتفرّقا
هدّأتُ روعَك إذ سألتك عندها
أوَلست من بين الأنام المنتقى؟
ماذا يضير البدرَ إن حاطت به
كل النجوم وبالكواكب طُوّقا؟
هُم صحبة لما نزلنا بينهم
معروفهم شدّ النفوس وأوثقا
رفقاً بهم يا بحر ما خانوا وما
غامتْ نوايا في السرائر مطلَقا
يا سيد العشاق إن هي زلةٌ
خذني بهم أو جُدْ بعفوك معتِقا
فتهللت قسماتُ وجهك صافحاً
وكأن نور الفجر فينا أشرقا
فارفع جبينك ليس مثلك ينحني
ولأنت أحرى أن تَصُد فتُعشقا ٠
***
و في قصيدة أخرى بعنوان ( عاشق الزئبق ) وهى من النفس الطويل تستمر في تدفقاتها المتوالية مع طيف العمر و مغازلة الكون ٠٠٠
ومنها هذا المقطع :
ماذا أتى بكَ؟ قال: الوجدُ والولهُ
فطرتُ زهواً وخلت الكون لي ولهُ
وكيف تُقبل ، والأيامُ غاديةٌ
عليّ تحمل طيفَ العمر أولَه؟
أبعْدَ هذا الفراق المرّ تذكرني؟
مَن أبرمَ الوعدَ في حينٍ وأجّله؟
يا خِلُّ طيفك لم يبرح ذرى أملي
وكلما مسَّ قلبي اليأسُ أمّلهُ
أين الخصورُ إذا ما الصبح زنّرها؟
ونُضرة الفل حين الطَّل بلّلهُ؟
حقلٌ من الغيد لونَ العيد منتشياً
لكلّ قدٍّ هوىً في البال ميّله
وكل خدٍّ بوهج الشوق ملتهبٌ
يزداد ذَوباً إذا المحبوب قبّله
الريح تلعب بالأذيال قاصدة
وكلما اشتد فعل الريح أخجله
إن أبطأ النّسمُ والأفنانُ ناعسةً
تراهُ هبّ رفيفاً كي يُعجّله
يُصابح الزنبقَ الغافي فيوقظه
يطوفُ بالذّكْرٍ حيثُ السّحْرُ أذهلهُ ٠
***
و نختم لها بهذه القصيدة الملحمية بعنوان ( عباءة الزيف ) حيث تقرر خلاصة وماهية الأشياء في نظرة فلسفية بعيدا عن زخارف الحياة فتمسك بالتضاد لتؤكد على بواعثها ٠٠٠
ومنها هذه المقطوعة :
انزعْ عباءتكَ الثمينةَ
إنْ جلستَ إليّ
إني..
ليسَ يُغريني الدمَقسُ
أيقنتُ أنّ النفسَ
إنْ عَرِيَتْ
فليس الثوبُ يكسو
واعلمْ بأني
لا أبالي..
إنْ رضيتَ
وإن غضبتَ
وأنه سيّان عندي
إنْ غدوتَ ترقّ
أو أمسيتَ تقسو
أبصرتُ وجهَك ذات يومٍ
كان للرائين وَضاءً بهيّا
خَفّتْ إليكَ النفسُ
حين رأت سناً
تاقتْ له روحي مليّا
لكنني لمّا اقتربتُ
وأدركَتْ فيّ البصيرةُ
ما اختفى عن ناظريّا
أيقنتُ أنّ الوهم ضللني
وأني ما رأيتُ الأمسَ شيّا
فإذا التي ائتلفتْ
من الأرواح
قد باتت شتاتا
وإذا بمائكمُ أجاجٌ
لا كما خلناه رقراقاً فراتا
والحُبّ إذ جفّتْ
عروقُ الروح
في الأوصال…
ماتا ٠
—–
وبعد هذا العرض في لوحاتها الشعرية المتنوعة تبرز لنا شخصيتها في ساحة الإبداع حيث تمتلك مقومات القصيدة الفنية
لغة و صورة و خيال وموسيقى مع معجمها المتفرد وتوظيف الرمز و التراث مع مزج المعاصرة بسيمات الأصالة في تلقائية مصبوغة بالنزعة الصوفية والصبغة الوطنية و إنشاد جمال الطبيعة و من ثم تظل هذه الركائز عمود شعرها دائما ٠