دراسات و مقالات

شـــــــــذرات لغوية – النونات و نون العظمة في لغة الضاد

السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد

إن الحديث ذو شجون في باديء الحديث مع النونات في لغتنا الجميلة الشاعرة العربية لغة القرآن الكريم و الحديث النبوي الشريف
و ذلك لأهميتها في الاستعمالات اليومية مع واقع الحياة نطقا و كتابة لسلامة سياق الكلام الصحيح السليم من جمال الأبجدية لأغراض عدة يتسع المجال للحديث عنها عند المتخصصين لعلوم العربية من الخواص و لكننا نسلط الضوء هنا و نحن جميعا من العوام فلغتنا العربية واسعة يكاد لا يحيط بها الانبي !! .
و من ثم اقسم الله عز وجل بالنون في كتابة الكريم و هذا أيضا له دلالات لغوية تفتح لنا مسارات عدة نحو هذا الحرف الذي يزين الكلام .
ثمة نون كثيرة نذكر منها علي سبيل المثال :
” نون المضارعة – نون التوكيد – نون الوقاية – نون رفع الافعال الخمسة – نون النسوة – نون المثني – نون جمع المذكر السالم – نون التنوين ”

و ” نون العظمة ” عند المفسرين لكتاب الله عز وجل :
( أنا نحنا نزلنا الذكر و أنا له لحافظون )
قال أبو البقاء العكبري في علل البناء:
النون من حروف الزيادة لشبهها بالواو.. وتكون للواحد العظيم لأن الآمر إذا كان مطاعا توبع على الفعل.
فاستخدام ضمير الجمع مكان ضمير المفرد يكون للدلالة على التعظيم والإجلال، والله سبحانه هو المستحق لكمال العظمة والجلال

تعريف حرف : ( النون ) .
النونُ من الحروف المَجْهورةِ، ومن الحُروف الذُّلقْ، والراءُ واللامُ والنون في حَيِّز واحد. الحرف الخامس والعشرون في التسلسل الهجائي والرابع عشر في الأبجدية العربية وهو صوت لثوي ، أنفي مجهور ، مرقق .

– نون المضارعة :
وتأتي في بداية الفعل الماضي لتحويله الى مضارع اذا كان الفاعل جمعاً من المتكلمين

– نون التوكيد :
تلحق آخر الفعل المضارع والأمر لتوكيدهما وتجعلهما مبنيان
– نون الوقاية : حرف عماد تأتي قبل ياء المتكلم و تقيه من الكسر .
– نون التنوين :
وهي نون زائدة تلحق آخر الاسم لفظاً لاخطاً لغير توكيد، من تكرار حركة الحرف الآخير، وأنواعه ، من أجل التمكين أو التنكير أو المقابلة أو العوض عن حرف او كلمة أو جملة .

– نون رفع الأفعال الخمسة : وهي نون زائدة تلحق نهاية الفعل المضارع .
– نون النسوة : وهو ضمير رفع متصل تكتب نونه خالية من التشديد مفتوحة هكذا (نَ) تتصل بالأفعال فقط وتجعل الفعل الذي تتصل بنهايتهِ مبنياً على السكون سواءاً أكان الفعل ماضياً أَم مضارعاً أَم أمراً وسواءاً أكان الفعلُ تامّاً أَم ناقصاً (أي كانَ وأخواتها)
– نون المثنى :
وهي نون مكسورة تأتي في نهاية الإسم المثنى وتكتب هكذا (نِ)

– نون جمع المذكّر السالم :
هي نون مفتوحة تقع في نهاية الأسماء المجموعة جمعاً مذكراً سالماً وتكتب مفتوحة هكذا (نَ) ، وتحذف النون اذا أُضيفَ الإسم المجموع جمعاً مذكّراً سالماً الى اسم أو ضمير .

و هذا القدر كفاية لمن كان له قلب أو ألقي السمع و هو شهيد —
و لمن يرغب في الزيادة يصبر صبرا جميلا في التأمل خطوة خطوة لمتابعة و بيان مواضع النون من خلال سلسلة النونات كما نسردها في يسر و سهولة كي تعم الفائدة و الثمرة المرجوة من هذا القصد النبيل أن شاء الله .

أهم النونات في لغة الضاد :
————————-
– نون المضارعة :
وتأتي في بداية الفعل الماضي لتحويله الى مضارع اذا كان الفاعل جمعاً من المتكلمين
(إيّاكَ نعبُدُ وإيّاكَ نستعين)
– نون التوكيد :
تلحق آخر الفعل المضارع والأمر لتوكيدهما وتجعلهما مبنيان بعد أن كانا مُعربَينِ ، ونون التوكيد لا محل لها من الإعراب

– نون الوقاية : حرف عماد تأتي قبل ياء المتكلم و تقيه من الكسر الخاص بالأسماء .
نحو : ضربني ، وأنني ، وليتني ، ويعلمني .
ومنه قوله تعالى ( يا ليتني كنت تراباً )
ومنه قول الشاعر معن بن أوس :
أعلمه الرماية كل يوم فلما استد ساعده رماني
ومنه قول أبي فراس :
ولكنني أمضي لما لا يعيبني وحسبك من أمرين خيرهما الأسر
– نون الوقاية أو نون العماد
تعريفها :
هي نون مكسورة تفصل بين ياء المتكلم وبين الفعل أو بين الحرف .
سبب التسمية :
سميت نون الوقاية لأنها تقي الفعل من الكسر الذي ينشأ عن إلحاق ياء المتكلم به
حركتها :
الكسر وعند إعرابها نقول حرف مبني على الكسر لا محل لها من الإعراب
مكان وجودها


– أولا : مع الفعل الماضي وفعل الأمر
تتصل نون الوقاية بالفعل الماضي المتصرف التام وبفعل الأمر وجوبا كقولك ( شكرني معلمي ، وسلني حاجتك )
ثانيا : مع الفعل المضارع
أ‌- إذا كان من الأفعال الخمسة
إذا كان من الأفعال الخمسة جاز إبقاؤها مدغمة مع علامة رفع الأفعال الخمسة كقوله تعالى ” أفغير الله تأمرونّي أعبد أيها الجاهلون ” وجاز إبقاؤها غير مدغمة مع علامة الرفع كقوله تعالى ” أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي ” أما إذا كان الفعل مجزوما أو منصوبا بقيت نون الوقاية كقولك ( الطلاب لم يحبوني ولن يحبوني ما لم أحبهم )

ب- إذا لم يكن الفعل المضارع من الأفعال الخمسة
يجب الإتيان بنون الوقاية كقولك ( يشجعني معلمي على اجتهادي )

ثالثا : مع الأسماء
إذا اتصلت ياء المتكلم بالأسماء مباشرة فلا حاجة إلى نون الوقاية كقولك ( هذا كتابي ) وتقدر الحركات على ما قبل ياء المتكلم لأن الكسرة المناسبة للياء تحول دون ظهور الحركات

– نون رفع الأفعال الخمسة : وهي نون زائدة تلحق نهاية الفعل المضارع اذا كان الفاعل مثنى مُخاطَب (مثل تكتبانِ) أو مثنى غائب (مثل يكتبانِ) أو جمع ذكور مُخاطَب (مثل تكتبونَ) أو جمع ذكور غائب (مثل يكتبونَ) أو مفرد مؤنث مُخاطَبة (مثل تكتبينَ) ، وتعتبر النون علامة رفع للأفعال الخمسة وتحذف عند النصب والجزم حيث يعرب حذفها علامة للنصب أو الجزم .
– نون النسوة : وهو ضمير رفع متصل تكتب نونه خالية من التشديد مفتوحة هكذا (نَ) تتصل بالأفعال فقط وتجعل الفعل الذي تتصل بنهايتهِ مبنياً على السكون سواءاً أكان الفعل ماضياً أَم مضارعاً أَم أمراً وسواءاً أكان الفعلُ تامّاً أَم ناقصاً (أي كانَ وأخواتها) لكنها لا تتصل بالأفعال الجامدة (أي التي لا يتصرف منها الماضي والمضارع والأمر مثل بئسَ ونِعمَ) ، يُعرب الضمير (نون النسوة) في محل رفع فاعل اذا اتصل بنهاية الأفعال (مثل أُكتُبْنَ الدرسَ) فأكتب فعل أمر مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ونون النسوة ضمير رفع متصل في محل رفع فاعل ، ويُعرب في محل رفع اسم لِكانَ وأخواتها اذا اتصل بنهايةِ أحدها مثل (الطالبات أصبحْنَ ناجحاتٍ) فأصبح فعل ماضي ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ونون النسوة ضمير متصل في محل رفع اسم لأصبح .
– نون المثنى :
وهي نون مكسورة تأتي في نهاية الإسم المثنى وتكتب هكذا (نِ) مثل (طالبانِ مثنى طالب ، كتابانِ مثنى كتاب) وتحذف هذه النون اذا أُضيفَ الإسم المثنى الى اسم أو ضمير مثل (صديقاكَ مجتهدانِ) و(ابنا محمدٍ مُهذّبانِ) .

– نون جمع المذكّر السالم :
هي نون مفتوحة تقع في نهاية الأسماء المجموعة جمعاً مذكراً سالماً وتكتب مفتوحة هكذا (نَ) مثل (مهندسونَ جمع مهندس ، فلّاحونَ جمع فلّاح) وتحذف النون اذا أُضيفَ الإسم المجموع جمعاً مذكّراً سالماً الى اسم أو ضمير مثل (مهندسو المصنعِ ماهرونَ ، مدرِّسوكَ مخلصونَ) .
– نون التنوين :
وهي نون زائدة تلحق نهاية الإسم لفظاً لا خطّاً وتكون بتكرار الحركة التي ينتهي بها الحرف الأخير من الإسم ، مثل (هذا عُصفورٌ ، قرأتُ مجلّةً ، سلّمتُ على محمّدٍ)

نون التنوين :

وهي نون زائدة تلحق آخر الاسم لفظاً لاخطاً لغير توكيد، من تكرار حركة الحرف الآخير، وأنواعه
= تنوين التمكين : وهو التنوين الذي يلحق الأسماء المعربةالمتصرفة الذي يظهر على اخره الحركات الثلاث دلالة علىتمكنها في الاسمية : مثال : ( جاء عليٌ )، و( رايتُ علياً ) ، و(مررتُ بعليٍّ ) .
= تنوين التنكير:
وهوالتنوين الذي يلحق بعض الاسماء المبنية،لينفي عنها التعريف او ليزيدها تنكيراً، وأكثر ما يكون ذلك في أسماء الافعال، وفي الاسم العلم المختوم ب ( ويه)، وأسماء الأعلام الأعجمية، فإن قلت لمحدثك : صه فهو أسم فعل أمر بمعنى أسكت الآن؛ اي: تمنعه عن الحديث الذي يتحدث به، وإن قلت : له صهٍ، منونه ، فأنت تمنعه عن الحديث مطلقاً ، ومثلها ( مه ) وكذلك أن قلت : ( سبويه ) منغير تنوين ، كان المقصود عالمالنحو المعروف ، وإن نوّنت؛ نحو: ( مررتُ بسيبويه ) فهو إنسان ما غير معروف يحمل هذا الاسم .
= تنوين المقابلة :
وهو التنوين الذي يلحق جمع المؤنث السالم، مثل : ( معلماتٌ طيباتٌ )، في مقابلة نون جمع جمع المذكر السالم ( معلمون طيبون )حتى يتم التعادل بين الجمعين .
= تنوين العوض و ينقسم الي :
– عوض عن حرف محذوف ، وذلك في الاسم المنقوص النكرة في حالتي الرفع ؛ نحو : (جاء محامٍ ) و ( مررت بمحامٍ ) إذ الاصل (محامي)، مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة ، او مجرور بكسرة مقدرة على الياء المحذوفة ، المعوض عنها التنوين. او في اسم الفاعل المعتل الآخر ، إذا جمع جَمعَ تكسير؛ نحو: جوارٍ جمع جارية .
– عوض عن كلمة، وغالباً ما يكون مع : كل ، وبعض، وأي، إذا لم يأتي بعدها مضاف إليه . نحو قوله تعالى : { وكلاً وعد اللهُ الحسنى } ( النساء ـ95 ) ونحو قوله تعالى : {انظر كيف فَضَّلنا بعضهم على بعضٍ} (الاسراء ـ21 ) .
– عوض عن جملة بعد ( إذ ) عند إضافة الظرف لها ن مثل : ساعتئذ، وعندئذ ، ويومئذ، وبعدئذ .

مع ” نون العظمة ” :
——————

كما يوجد بالقرآن الكريم ضمير “أنا” عندما يوجه الله جل وعلا كلامه إلى عباده
في الآية إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)
وهذه النون تسمى لدى المفسرين : “نون العظمة”
وهي لها دلالة و هنا لإبراز الاعتناء بشأن القرآن وحفظه.
أي: نحن بعظم شأننا وعلو جنابنا نزلنا ذلك الذكر الذي أنكروه وأنكروا نزوله عليك ، ونسبوك بذلك إلى الجنون.
اذا الله سبحانه وتعالى حينما يخبرنا عن قضية من فعله. يأتي دائما بنون العظمة التي نسميها نون المتكلم..

ولكن حين يتكلم الله عن ألوهيته وحده وعن عبادته وحده يستخدم ضمير المفرد.. مثل قوله سبحانه: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلا أَنَاْ فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي﴾[طه: 14]

فهذه كانت أطروحة سريعة موجزة جامعة لشتي النون ، كي تعم الفائدة المرجوة من وراء هذا القصد النبيل ، الذي يذكرنا بأبواب النحو العربي
نتمني أن نكون قد وفقنا في الطرح المبسط دائما .
—————-
الهوامش : من كتاب ” النحو الوافي د / عباس حسن – النحو المصفي د / محمد عيد – علم النحو د / أمين السيد – تيسير النحو د / السمان – محاضرات في النحو د / حماسة ” .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى