دراسات و مقالات

شاعر وقصيدة ندم الفرزدق.وندامة الكسعي

بركات الساير العنزي

 

قال الفرزدق بعد أن طلق زوجته نوار مبديا ندمه وتحسره :

نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِـيّ لما
غدت مِنّي مُطَلَّقَـةً نَـوَارله.
وكانت جَنّتي، فَخَرَجْتُ منها
كآدم حِينَ لَجّ بِهِ الضِّـرَارُ
وَكُنْتُ كفاقئ عَيْنَيْهِ عمدا
فأصبح مَا يُضِيءُ لَهُ النّهَارُ
وَلا يُوفي بحبِّ نَوَارَ عِنْدِي،
وَلا كَلَفي بهَـا إلاّ انْتِحَـارُ
وَلَوْ رَضِيتْ يَدايَ بهَا وقرت
لكان لهَا عَلى القَدَرِ الخِيَارُ
وَمَا فَارَقْتُهَا شِبَعاً، ولكن
رأيت الدّهْرَ يَأخُذُ مَا يُعَـارُ

ونوار ابنة عم الفرزدق،تزوجها الفرزدق بالحيلة.عندما وكلته لتزويجها من رجل تقدم لها،ولكن الفرزدق احتال وشهد الشهود بتوكيله وزوجها لنفسه،
ولم تستطع الخلاص من حيلته.
خاصة بعد أن خيرها ابن الزبير
بأن تتزوج الفرزدق أو يطلقها ويقتل الفرزدق كي لايهجوه.
فتزوجته على كره.ولم تحبذ قتل ابن عمها.بقيت عنده سنوات وخلفت منه أولادا وبقيت تكرهه وتحتال عليه حتى طلقها.وبعد أن
طلق الفرزدق زوجته. ندم ندما شديدا. وشبه ندمه بندامة الكسعي.
وقد شبه خروج زوجته من عصمته بخروج ٱدم من الجنة.
وشبه نفسه كمن فقأ عينيه ففقد البصر. فزوجته كانت بمثابة عينيه.ففقد نور النهار.
وحب نوار لديه ليس له مثل ولكنه كشخص أقدم على الانتحار.
ولو بقيت عنده.لكان اختيارها اقوى من القدر.
لم يفارقها من ملل أو كره ولكنها ارادة القدر
ويقال أن الفرزدق طلق زوجته،في رهان مع جرير في مجلس عبد الملك بن مروان، حيث غلبه جرير في بيت من الشعر، فقال الفرزدق إن غلبني جرير ثانية طلقت نوار،فغلبه جرير فطلق الفرزدق زوجته فندم ندما شديدا على طلاقها.وشبه ندمه بندامة الكسعي.وقيل أن الكسعي رجل من الصحراء، أنبت عودا في تراب صخره ورعاه وسقاه وصنع منه قوسا له،وبعد غروب شمس رأى خيال ظبي وراء صخرة، فرماه بسهم فلم ير إلا شرر النار من الصخرة.وأعاد الكرة ثلاث مرة.وكل مرة لايرى إلا شرر النار،فغضب وحطم قوسه متأسفا على رعايته وحراسته لذلك العود،وعض أصابع يديه وارتمى على الأرض من ندمه فقيل المثل ندامة الكسعي.وخلده الفرزدق بهذه الأبيات.
أبيات الفرزدق تملؤها عاطفة الندم الشديد والأسف والحسرة على زوجة جميلة فقدها في موقف مخذل له.وتظهر القصيدة حزن الرجل على فراق زوجته بسبب الطلاق،وهذه العاطفة القوية وجدناها عند الشاعر جرير عندما توفيت زوجته فقال.
لولا الحياء لهاجني استعبار
ولزرت قبرك والحبيب يزار

وهكذا نجد أن الندم والحسرة كان له حيزا في الشعر العربي.

Image may contain: one or more people

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى