«من صلى إلى قبلتنا فهو منا ولا نكفره».
” أبو الحسن الأشعري ”
———————
«اختلف الناس بعد نبيهم على أشياء كثيرة ضلل بعضهم بعضا وبرأ بعضهم من بعض فصاروا فرقا متباينين وأحزابا متشتتين إلا أن الإسلام يجمعهم ويشتمل عليهم».
الإمام الأشعري قسم الفرق إلى عشر فرق كبرى ومن كل فرقة كبرى انقسمت إلى عدة فرق كل فرقة منها تكفر الأخرى
جعل هدفه الأسمى توحيد كلمة المسلمين على المنهج الوسطي المعتدل ورفض التطرف بكل أنواعه .
——-
و في البداية نعرض لك ايها القاريء الكريم كتابا بعنوان ” مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين لأبي الحسن الاشعري ” حيث يحمل قضايا مازال صداها يطفو علي السطح في المجتمع المعاصر ، و هذا المنهج يحاول الوفاق ، و جمع شمل الأمة ، بعد أن مزقت كلمتها العديد من الفرق و الجماعات .
فمنذ أن درست الشريعة الاسلامية و مقاصدها و المذاهب الاسلامية و الفلسفة الاسلامية و تعرفت علي الفرق و الجماعات و تأملت ” الأشـــــــاعرة ” فوجدت الوفاق و التقريب لجمع شتات الامة ووأد الفتن هو شاعرهم ايمانا بالقرآن و الحديث و النقل و العقل في اجلاء الحقيقة — و لذا فهمت وحدة الامة امام التشرذم و التحزب و الجماعات و التحدي حيث أنها أمة مفتري عليها منذ فجر التاريخ .
و ان الاسلام يقصد يه التوحيد الخالص للخالق المنعم من لدن آدم و جميع الأنبياء و المرسلين و الدعوة الي الوحدة و القوة ” و لا تفرقوا ” و هذا مفهوم عالمي للجميع وسطي حيث الوسطية المعتدلة و التيسير و التقريب بين الأمور التي فيها حرية العقل للفهم و الادراك و الوعي و ذا كله مناط الرحمة للعالمين ..
و من ثم قرأت منهج أبي حسن الأشعري الذي تمسك بالفهم و الادراك الصحيح لمقاصد الكتاب و السنة بعيدا عن الخوض في آراء لا تحتمل المزايدة و الانقسامات و التعصب و امام فكر كل جماعة و ضرب ثوابت حال الأصول و الفروع ، و اعجبت أيما اعجاب بهذا الكتاب الذي يلخص واقعنا المرير اليوم بعد ضياع مضمون و شكل رسالتنا السمحاء !!..
مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين هو كتاب من تأليف الإمام أبي الحسن الأشعري (ت 324 هـ
قال الإمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر عن هذا الكتاب و صاحبه الأشعري :
إن الإمام الأشعري جمع في هذا الكتاب مذاهب المنتمين للإسلام، وكذلك الاختلافات بين المصلين، منوها بأن كلمة مصلين مختارة بعناية فهو يقول «من صلى إلى قبلتنا فهو منا ولا نكفره».
وأشار إلى أن الإمام الأشعري قسم الفرق إلى عشر فرق كبرى ومن كل فرقة كبرى انقسمت إلى عدة فرق كل فرقة منها تكفر الأخرى
منوها بأن الإمام الأشعري فطن إلى تعمد الكذب بين الفرق ومخالفيها من الآراء وإضافة أقوال ليست منها، بقصد التشنيع بهم. وأوضح، أن الإمام الأشعرى هو الوحيد الذى تصدى للمعتزلة وناظرهم وخطأهم وألقى من الضوء الكثير على نقاط الضعف عندهم، لافتاً إلى أن له عدة كلمات تكتب بماء من ذهب حيث قال
«اختلف الناس بعد نبيهم على أشياء كثيرة ضلل بعضهم بعضا وبرأ بعضهم من بعض فصاروا فرقا متباينين وأحزابا متشتتين إلا أن الإسلام يجمعهم ويشتمل عليهم».
نبذة عن المؤلف :
—————-
أبو الحسن الأشعري (260هـ – 324هـ = 874م – 936م) أحد أعلام أهل السنة والجماعة، وإليه ينسب المذهب الأشعري، وكنيته أبو الحسن ويلقب بناصر الدين، وينتهي نسبه إلى الصحابي أبي موسى الأشعري.
ولد بالبصرة في العراق سنة 260هـ على أرجح الروايتين، وقيل سنة 270هـ، ودرس فيها، ثم تابع دراسته في بغداد. قال عنه ابن عساكر في كتابه “تبيين كذب المفتري”: “وهو بصري، سكن بغداد إلى أن توفي بها سنة ثلاثمائة وأربع وعشرين هجرية، على الأرجح، وكان يجلس أيام الجمعات في حلقة أبي إسحاق المروزي الفقيه من جامع المنصور”.
كان من كبار الأئمة المجتهدين والمجددين الذين حافظوا على عقيدة المسلمين واضحة نقيَّة، وتبعه جماهير العلماء على مرِّ العصور حتى يومنا الحاضر. وكان في أول حياته على مذهب الاعتزال، ثم تاب وتراجع بعد ذلك، وتبرَّأ من الأقوال التي كان يقولها المعتزلة، من القول بخلق القرآن وأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين منزلتين وغير ذلك من أقوالهم، وأصبح أهل السنة ينتسبون إليه، حتى لقب بإمام أهل السنة والجماعة.[12] وقد نبغ الأشعري في العلوم العقلية، واشتهر بقوة الجدال والمناظرة بجانب محافظته على النقل. وبجانب براعته في علم الكلام كان أيضاً فقيهاً وعالماً ومحدثاً، يميل كثيراً إلى حياة الزهد والبساطة، وكان متصوفاً في أغلب سلوكه.
وقد بلغت مؤلفاته نحو مائتي كتاب.
وقيل: بلغت مصنفاته ثلاثمائة كتاب
جعل هدفه الأسمى توحيد كلمة المسلمين على المنهج الوسطي المعتدل ورفض التطرف بكل أنواعه، تطرف المعتزلة الذي أدى بهم إلى رد كثير من نصوص السنة الصحيحة، كما رفض تطرف الجهة الأخرى وهي جهة المجسمة المشبهة[ الذين غالوا في إثبات ظواهر نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية حتى وصلوا إلى التشبيه والتجسيم، كما تلقفوا من الأخبار كل سقيم وضعيف، فوصلوا إلى عقيدة أقرب إلى الوثنية .
. ولما كانت الوسطية أهم سمات الإسلام -وهي السمة التي ساعدته على البقاء والاستمرار- استمر مذهب الإمام الأشعري على نفس الوسطية، فأعترف بالعقل الذي انتصر له المعتزلة وآمن به وجعله مساعداً لفهم للنص ورديفاً له لا بديلاً عنه، كما آمن بالنص الذي زعم الحشوية[ التمسك به، لكنه أعمل النص في مجاله والعقل في مجاله دون أن يجحف بحق واحد منهما حين يدخله في غير مجاله، وبذلك دان جمهورالمسلمين بهذا المذهب.
منهج الكتاب ” مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ” :
————————————————-
يعتبر هذا الكتاب استقصاء وتسجيل تاريخي لجميع الفرق والاتجاهات الفكرية التى شهدتها الساحة الإسلامية منذ وفاة نبي الإسلام محمد وحتى بدايات القرن الثالث الهجري. يحتوي الكتاب على مجموعة من المقالات الخاصة بأفكار الفرق الإسلامية، وقد كان يتألف في الأصل من ثلاثة كتب: كتاب المقالات، وكتاب في دقيق الكلام، وكتاب في الأسماء والصفات. ضمها الأشعري بنفسه في كتاب واحد وقد استوعب جميع اختلافهم ومقالاتهم .
تميز الأشعري في كتابه بمنهجية الجمع بين الطريقتين في عرض آراء الفرق، فالجزء الأول معظمه كان وفق الطريقة الأولى، وهي جعل أصحاب المذاهب أصولاً. أما الجزء الثاني فهو وفق الطريقة الثانية، وهي جعل المسائل أصولاً، ثم إيرادها في كل مسألة مذهب طائفة طائفة وفرقة فرقة.
ففي القسم الأول تناول جليل الكلام ومذاهب الفرق فيه، وهي أصناف: الشيعة ـ الخوارج ـ المرجئة ـ المعتزلة ـ أصحاب الحديث وأهل السنة. وكل صنف منها يندرج تحته فرق كثيرة، وإن كان قد استهل الكتاب بتقسيم المسلمين إلى عشرة أصناف هي: الشيع، والخوارج، والمرجئة، والمعتزلة، والجهمية، والضرارية، والحسينية، والبكرية، والعامة، وأصحاب الحديث، والكلابية، وأصحاب عبد الله بن كلاب القطان. وأورد آراءها المختلفة في جليل الكلام. والقسم الثاني يتناول ثلثاه الأولان، مسائل في دقيق الكلام وآراء مختلف الفرق فيها، وخصوصا المعتزلة، والثلث الأخير فيه عود على بعض ما تناوله في القسم الأول من جليل الكلام.
محتويات الكتاب :
—————
” مقالات الشيعة. مقالات الخوارج. أول مقالات المرجئة. مقالات المعتزلة. ذكر قول الجهمية ” .
سبب تأليف الكتاب :
حكى الإمام الأشعري في مستهل تقديمه للكتاب عن السبب الذي دفعه لخط هذا التصنيف، إذ يقول: «فإنه لابد لمن أراد معرفة الديانات والتمييز بينها من معرفة المذاهب والمقالات، ورأيتُ الناس في حكاية ما يحكون من ذكر المقالات ويصنفون من النِّحَل والديانات من بين مُقَصِّر فيما يحكيه وغَالط فيما يذكره من قول مخالفيه، ومن بين متعمد للكذب في الحكاية إرادة التشنيع على من يخالفه، ومن بين تارك للتقصي في روايته لما يرويه من اختلاف المختلفين، ومن بين من يضيف إلى قول مخالفيه ما يظن أن الحجة تلزمهم به، وليس هذا سبيل الربانيين، ولا سبيل الفطناء المميزين، فحداني ما رأيتُ من ذلك على شرح ما التمستُ شرحه من أمور المقالات، واختصار ذلك، وترك الإطالة والإكثار.»
آراء العلماء فيه :
اهتم الإمام الشهرستاني (ت 548 هـ) في كتابه “الملل والنحل” بالرجوع إلى مصادر أهل الديانات ومن بينها مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري، حيث قال في المقدمة: “لما وفقني الله تعالى إلى مطالعة مقالات أهل العالم من أرباب الديانات والملل والأهواء والنحل، والوقوف على مصادرها ومواردها واقتناص أوانسها وشواردها، أردت أن أجمع ذلك في مختصر يحوي جميع ما تديّن به المتديّنون وانتحله المنتحلون عبرة لمن استبصر واستبصارا لمن اعتبر”.
و أخير : عزيزي القاريء الكريم المتابع الجيد بعين الانصاف … أري أن هذا الكتاب دعوة للمتابع الجيد للتعرف علي حال أهل الاسلام ” الرسالة المحمدية ” و كيف وصل بنا الحال في تردي بعيدا عن الدعوة الصحيحة و الانزلاق الي مخالب السياسة طمعا في زخارف الحياة و من ثم جاءت و نشأنت الفرق و الجماعات في سطوة و تسلط و منفعة ففرقت الكلمة و فككت عري القوة و غاب الوعي السليم المعتدل بين تعصب و جهل و عدم الفهم و الادراك لقضايا ظلت تؤرق المجتمع الاسلامي منذ صدره الاول بعد عصر الخلفاء الراشدين و باتت تنال من وحدته و وسطيته و ظهر الخلل و الصراع و العنف … الخ
و هذه كانت خطوط عريضة لرؤية الاشعري بغية الروجع الي منابعه الأصيلة علي الوجه الاكمل و ترك كل الامور التي ليس لها منفعة الا لخدمة رؤوس الفرق و من دار حولهم دائما .