«رجل مجنون لا يحبني» الشاعرة و الروائية و الفنانة التشكيلية الإماراتية ميسون القاسمي – 1958 م
السعيد عبد العاطي مبارك
من نعومة أظافري
تلوثت طفولتي
بدم الحزن الخفي
—–
كنا نتبادل الصور
صورة أمي مقابل صورة أمه
صورة أبي مقابل صورة أبيه
و صورته الي صورتي
كل ما هنالك
أن صورتي كانت ملونة
و صورته كانت بالأبيض و الأسود …
——
((( هذا الملف اهداء الي الشاعرة أسماء بنت صقر القاسمي ، التي تغرد بين سرب القواسم ترسم ملامح الحياة بأنفاسها مع مرايا الحقيقة … !! ))).
من الامارات العربية ودرتها و حاضرتها الثقافية ( الشارقة ) نتوقف مع الشاعرة المبدعة ” ميسون القاسمي “من بيت معرق بالشعر و السياسة و الحكم ، و هي ابنة حاكم امارة الشارقة و الشاعر المرحوم صقر بن القاسمي ، و أخت الشاعرة أسماء بنت صقر القاسمي …
و قد نبتت هذه الزهرة اليانعة مع أترابها ، في بيئة حافلة بشتي مقومات الحياة ، تنعم بهالات الابداع الفني ، ألا أنها تنخرط كأنسانة بين ظلال الصراعات ، فتقبع داخل الحلم و الألم معا في صيرورة جدلية تصارع الواقع من أجل حياة تنم عن جماليات تنشد الخير و الحق و الحب و الجمال و الامن و السلام كرسالة هادفة للمجتمع .
و تمضي بعيونها كزرقاء اليمامة نحو الأفق البعيد دوما تحوم مع الشعر و الفنون الجميلة كفراشة ملونة الظلال .
تترجمها لنا نصوصها و روايتها و أعمالها التشكيلية في لوحة فنية متداخلة
أن ميسون القاسمي مواطنة و شاعرة و مبدعة إماراتية،كتبت كل أجناس الفنون الجميلة ، و نقشت القصيدة الموزونة بأشكالها العديدة و النثرية تمشيا مع روح الحداثة في تمرد مقبول .
و لم لا فهي تنتمي الي حلبة النساء الرائدات تحمل حلم و هم الأنثي في محرابها الأنيق ،كي تنفذ الي نوافذها المسحورة ، لتعبر في وضوح و ضموح عن قضايا لمرأة العربية .
و هذا يظهر جليا في تجربتها الذاتية و الرائدة مع الفنون الجميلة .
و لم لا فقد كشفت اتجاهاتها الثقافية المتنوعة من خلال دراستها و نبوغها الفني في مجالات متعدد تشهد بعبقرية عملية الابداع و الانتاج الفني في ثنائية متناغمة ” بين الوطن و الغزل و الحياة ” تعكس ملامح المجتمع و تؤرخ للواقع من داخل رؤيتها التي ترصد بها منحنيات النجاحات و الاخفاق معا .
فها هي تتصدر بأبجديتها الرمزية روافد و مناهل الثقافة في فضاءات مفتوحة تختصر الاستثناء لحظات من ذاكرة العمر في أصالة تعانق الحداثة .
فهي تطرح نظريات تقتحم مناطق ملغمة بالهموم و الأوجاع ، تأمل أن يتحول الغد الي ساحات خضراء ينعم بها الانسان بمعاني الخير و الأمن و السلام .
نشـــــــــأتها :
—————
ولدت ميسون صقر القاسمي عام 1958 م ، في الشارقة بالإمارات العربية ، وتخرجت من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية من قسم السياسة بجامعة القاهرة.
و تقيم ما بين القاهرة والإمارات العربية .
وعملت في المجمع الثقافي بأبوظبي في مركز الوثائق ، ثم في مؤسسة الثقافة والفنون كرئيس لقسم الثقافة، ثم لقسم الفنون ثم أنشأت قسماً للنشر بما فيه من عقود ونظم ومستشارين وطبع خلال فترتها الكثير من الكتب الهامة المترجمة والمؤلفة، ثم اصبحت رئيس قسمي النشر والفنون فأنشأت قسم النشر كما أنشأت وأقامت مهرجان الطفولة الأول والثاني.
وعملت بوزارة الاعلام والثقافة كمدير الإدارة الثقافية.
كما كتبت السيناريو لأعمال الأطفال وأخرجت ستة أعمال صلصال لهم بهذه السيناريوهات . وانتهت مؤخرا من تجميع وتحقيق الأعمال الكاملة لوالدها الشاعر الشيخ صقر بن سلطان القاسمي في أربعة أجزاء والذي عملت عليه منذ فترة طويلة .
أصدرت العديد من الدواوين الشعرية و منها :
——————————————-
= هكذا اسمّي الأشياء (1982)
ثم أصدرت ثلاثة دواوين دفعة واحدة، الأول بعنوان :
= ديوان : «البيت» وضم تفاصيل البيت الصغيرة .
= ديوان : جريان في مادة الجسد
= ديوان : الريهقان (1992) أي اللؤلؤ .
و تتوالي الاصدارات الشعرية فيما بعد .
= ديوان : السرد على هيئته (1993)،
= ديوان : ومكان آخر (1994)،
= ديوان : الآخر في عتمة (1995)
= ديوان : تشكيل الأذى (1997)،
= وديوان القصيدة الأولى
= و ديوانها الشهير بعنوان “أرملة قاطع طريق” (2007) والصادر عن دار “ميريت للنشر” في القاهرة .
ثم أصدرت ديوانا بالعامية المصرية أسمه (عامل نفسه ماشي) =
= ديوان (رجل مجنون لا يحبني) .
= ديوان (جناح طائر) .
كما ترجمت لها بعض القصائد إلى الإنجليزية والفرنسية والأسبانية والألمانية.
, لها عدة مشاركات فنية وشعرية بالعديد من المهرجانات العربية والدولية.
مع الرواية :
———–
= لها رواية باسم ريحانة، صدرت من دار الهلال بالقاهرة وتتحدث عن فكرة الحرية والمرأة وتلامس البنية التحتية لواقع الخليج في فترة ما قبل النفط.
= و رواية في فمي لؤلؤة عام 2016 عن الدار المصرية اللبنانية، تعد الرواية مزيج من الشعر الشعبي والحكايات القديمة والجديدة، حكايات من كتب من الشعراء، وأبرز من كتبوا عن اللؤلؤ.. وهي حصاد سبع سنوات من البحث والقراءة والتأمل.
مع الفن التشكيلي :
—————–
ولها مساهمات مهمة في الفن التشكيلي أقيمت لها معارض تشكيلية عدة. وفي الأفلام القصيرة لها فيلما تجريبيا خيط وراء خيط، وقد حصل على جائزة لجنة التحكيم في أفلام الإمارات بأبوظبي , وعرض في مركز الفنون بالقاهرة وشارك في مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلة والقصيرة كما شارك في معرض الدائرة بمسقط ، عمان.
ميسون بين تجربة الشعر و الرسم :
——————————–
تقول ميسون عن الشعر: “كنت طوال الوقت أتعامل مع الشعر كهواية لي، وهذا يجعلني قادرة على خوض “التجريب” دون خوف على ما أنجزته، لكنني لم أضع الشعر في بؤرة الاهتمام به، كنت أكتب ولا أعتني بمرحلة ما بعد الكتابة، وهي مهمة صعبة لكنها ضرورية، ولم أنشغل بوضع نفسي كشاعرة في إطار سياق من السياقات، بل ولم أنشغل بإيصال ديواني إلا لمن هم في دائرة معارفي من الكتاب والنقاد والشعراء ” . ”. .
و حول تجربتها مع الرسم تقول ميسون:
“الرسم جزء حقيقي مني ومن داخلي، ربما أقول إن الإبداع مادة غزيرة جدا، نستطيع أن نغرف منها ما نشاء، المهم أن تكون لدينا الأدوات، إذا لم تكن لدي أدوات الصنعة الفنية، فلا استطيع أن أرسم، وإذا لم تكن عندي أدوات السرد الروائي لا استطيع كتابة الرواية، لذا فان الإبداع موجود، لكن الأهم من ذلك كيف تتحكم به، وتضعه في إنائه الصحيح”.
و قد وظفت تجربتها مع الفنون التشكيلية أدبا و شعرا و صبغتها بألوانها المختلفة كلوحة فنية مكتملة الظلال بعنوان ( أبيض و أسود ) حيث تقول فيها :
كنا نتبادل الصور
صورة أمي مقابل صورة أمه
صورة أبي مقابل صورة أبيه
و صورته الي صورتي
كل ما هنالك
أن صورتي كانت ملونة
و صورته كانت بالأبيض و الأسود …
و يكشف كل هذا الزخم حول شخصيتها الرائدة مع الفنون الجميلة في موهبة و موضوعية علمية متأصلة الجذور … مخزونها الابداعي كحالة تمس أوتار مشاعرنا تناولتها قصيدة و نثر و رواية و فن تشكيلي ، و تطرزه بالاقتصاد و السياسة كوحدة فنية متكاملة الطرح .
مع حمل كل هذا الارث الممتليء بزخم سنوات عجاف في رسالة جميلة الي الانسانية .
و تلخص لنا تجلياتها الأخيرة في المرايا التي تجد نفسها جزء لا ينفصم من الأحداث التي يمر بها الوطن الكبير شرقا و غربا .
تأملاتها الشعرية مع مفهوم المرأة و الحياة :
———————————————–
و من قصيدة “ممر من حديث” من ديوان “امرأة قاطع طريق” نقتطف:
امرأة أمها ماتت على مقعد أمام النهر نفسه
ودفنت أمامه
وهي تنتظر العراق تجلس هي الآن أمام النهر
وتعود كالبطة
مرة صبغت شعرها بالرمادي
متشبهة بعجوز في البصرة
تضع على شعرها الأزرق “التوتيا”
فيطل وقارها من خلال الضوء
مرة شبكت يديها الصغيرتين
خلف رأسها وحكت عن القاهرة
فلمعت عيناها ودمعت عيناي
—–
و من قصيدة النثر الحديثة حيث تمردت علي القوالب في روح التجديد تأثرا بحركة و تطور الحياة كما في ديوانها بعنوان “رجل مجنون لا يحبني ” تقول ميسون :
يا الذي أطعمني من خبز محبته
بحثت عن مأوى
قلت: أقتليه داخلك وانجي
فهل نجوت إلا من عزلتي لعزلة تكسرت فيها لغتي
كيف استوت هذه الثمرة ؟
أسئلتي في البحر
أنت أتيت وأنا ذاهبة
أنت لا تفصح وأنا ثرثارة
أقضي اليوم في تلمس أحداث تمضي .
هذه كانت قراءة سريعة لعالم شاعرة من الشارقة ألا و هي ” ميسون صقر القاسمي ” زهرة الشعر الاماراتي الفواحة ، و التي نبتت في قصر الشعر فهي معرقة النسب و الشعر ، حيث والدها أمير شاعر جزل ذات أسلوب رصين وصور فنية لها صدي في ظلال القصيد ، أضف الي رؤية بالغة في مضمار الشعر ، و أختها الشاعرة المتألقة أسماء القاسمي ، و شاعرتنا تحمل رسالة فنية جمالية الي المجتمع تتفاعل مع القضايا و الأحداث من منظور جمالي يحدوه الأمل فتسطر لنا ملحمة الشعر و العشق المصبوغة بظلال ألوانها الفتانة المتداخلة فهي سليلة الرسم بالكلمات دائما .