شعر

ذَاتَ مَوتٍ

مصطفى الحاج حسين

أذكُرُ أنِّي

كُنتُ أركُضُ خَلفَ غَيمَةِ عِطرٍ

إنبَعَثَتْ مِنْ هَودَجِ النُّورِ

وَهَيَ في طَرِيقِهَا إلى الجَامِعَةِ

كَانَتْ أحجَارُ الأرصِفَةِ

تُوشِكُ عَلى مُلاحَقَتِهَا

لَكِنَّنِي كُنتُ أسرِع بِالدَوسِ عَلَيهَا

لِأُثَبِّتَـهَا بِمَكَانِـهَا

حَتَّى أنَّ الأشجَارَ المُنبَثِقَةَ مِنْ بَينِ العَمَارَاتِ

كَانَتْ تَضَّطَرِبُ أنفَاسُـها

وَتَمُدُّ بِأعنَاقِ أغصـَانِـهـا

نَحوَ الأنفَاسِ المُضِيئَةِ

وَكُنتُ أهَدِّدُ بـِإحـرَاقِ الفُصُولِ

إنْ تَجَاسَرَ أحَـد ٌ في الدُّنيَا

على مُنـَافَسَتِي في حُبـِّـهـا .

هِيَ نَهـرُ الفَرحَةِ

في حُقُولِ عُمرِي

هِيَ قِيثَارَةُ أبجَدِيَّتِي

وَخَيمَةُ نَبضِي

في عُنُقِهَا يَسكُنُ المـَدَى

وَمِنْ شَفَتَـيهَا يَبدَاُ احتِرَاقِي

وَكُنتُ أحَاذِي بَهَاءَ ظِلالِـهَا

أقتَرِبُ مِنْ سَمَـاءِ فِتنَتِهَا

وَأتَنَفَّسُ مَا يَتَنـَاثَر ُ مِنهَا

مِنْ نَدَى مُبَرعَـم ٍ بِالجُنُونِ

أطلُـبُ مِنَ الشَّمسِ

أنْ تَغمُـرَها بِدِفءِ حُبِّي

وَأقُولُ لِلطَرِيقِ :

– تَزَوَّدْ بِالرِفعَةِ

وَتَعَلَّمْ كَيفِيَّةَ احتِرَامِ المَارَّةِ

فَهِيَ أنقَى مَنْ عَبَرَ مَسَارَكَ

وَأجمَلَ مَنْ رَفرَفَتْ بِأقدَامِهَا فَوقَـكَ

هِيَ نَبِيذُ المَسَافَاتِ

كُوثَرُ الوَقتِ

قَصِيدَةُ الرَّحِيقِ

غَيمَةُ الحُلُمِ

مُفتَاحُ الأمَانِي

وَكَانَتْ لا تَلتَفِتُ

لِجَلَبَةِ دَقَاتِ قَلبِي !

لا تَرَى دُمُوعَ لَهفَتِي !

لا تُحِسُّ بِتَكَسُّرِ لُهَاثِي !

تَمشِي ..

على شَهقَةِ أوجاعِي !

تَدُوسُ على عُشبِ آهَتِي !

وَتَعبُرُ نَحوَ نِهَايَةِ الحُدُودِ !

حَيثُ

سَأتَوَقَّفُ قُربَ دَمعَتِي !

تُحِيطُنِي جِرَاحِي

وَتُمسِكُ بِيَدِي خَيبَتِي

أَتَطَلَّعُ

إلى بـَابٍ مُغلَقٍ

لَنْ يُفتَحَ بِوَجهِي

مَهمَا طرَقَتهُ قَصَائِدِي ! *

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى