دراسات و مقالات

دراسة في قصص كأنهم يطفئون حريقاً للكاتب و القاص السعودي : عبد الله الصليح

السعيد عبد العاطي مبارك الفايد

عندما نتجول في بستان جنة الأدب من خلال فنونها الوارفة و المتنوعة من شعر و نثر قصة ورواية و مسرحية و مقال و سرد ٠٠
نطالع هنا ( فن القصة القصيرة ) و لا سيما في أدب الشباب الذين يسطرون تجربتهم من وحي وجمال البيئة في موازنة بين الأصالة و الحداثة في اختصار يفيض بالفكرة و العاطفة ورسم خريطة الأمل هكذا ٠٠
و إيمانا منا بموهبة وطاقة الشباب المبدع نسلط الضوء على بعض تجاربهم الذاتية في دائرة فنون الأدب الحافلة بالكثير و الكثير ٠٠
و نحن أمام هذا القاص – عبد الله الصليح – و الذي يمتلك مقومات فنية وخصائص لغوية و بيانية للقصة القصيرة بعنصريها المادي و المعنوي لغة و تصويرا و إيقاعات يمثل فيها البعد المكاني و الزمني و الأشخاص و الفكرة و العقدة و الحبكة القصصية في أسلوب سهل و موضوعات إنسانية من البيئة أصيلة و بعضها دخيلة وافدة مع الحداثة ٠٠
يجمع فيها معادلة الأدوات بغية معالجة قضايا تجاه الواقع في رؤية وخيال خصب يطرز فيض فصولها المتدفقة في وحدة عضوية متكاملة متناغمة متدفقة الخواطر تمثل تلك الخصائص إنطلاقة من نقطة البداية حتى مطلع النهاية معا ٠
فقد جاءت مجموعته القصصية تحت عنوان
” كأنهم يطفئون حريقاً ” يحمل تأملته المتوالية و التي لها دلالات رمزية مشرقة في أغوار النفس ٠
و هى عبارة عن خمس عشرة قصة متنوعة تنم عن ايحاءات ترصد ظواهر تؤرق المجتمع ٠٠
و من ثم استخدم فيها الرمزية تارة و أخرى الحوار و المكاشفة المباشرة بعيدا عن الغموض بأسلوب رشيق وظف فيه كل الأدوات بريشة فنان يجسد الصورة و يعكس الحالة النفسية و الاجتماعية في تحليل منطقي متدرج بأسلوب أدبي فلسفي يحيلك إلى الاقتناع و معايشة الحدث لحظة بلحظة و خطوة بخطوة ٠٠
في عاطفة صادقة مؤثرة ومضات مترابطة بين الحزن و الأمل ينسج لنا أحلامه في صبغة ببانية متباينة لحد الدهشة ٠
و يستطيع المتذوق بسهولة ملاحظة القصد و الوصول إلى النتائج بعيدا عن الغموض و التعقيد و المداخلات لاستنباط التحليل والدراسة ٠٠
فهو يمتلك الإبداعية القصصية من عملية البناء الفني النضج و لم لا تلك حياة يومية شمولية يرصدها عن كثب و ثقافة و نشأة تجمعت في شخصية الكاتب الواعدة رسالة لتلك التحولات الأخيرة ٠
و من ثم يخلص من فحواها إلى الهدف الرئيسي من وراء الطرح ٠
* نبذة عن الكاتب :
هو الكاتب و القاص عبدالله الصليح مواليد عام ١٩٩١ م ، و مقيم بالرياض المملكة العربية السعودية ٠
حاصل بكالريوس شريعة، وبكالريوس إدارة أعمال، يعمل بالتربية و التعليم ٠٠
صدر له مجموعة قصصية بعنوان :
( كأنهم يطفئون حريقاً )
عن دار الرائدية ٠
وربما العنوان له مقاصده ووجاهته فالكل يدعي إنه يصنع الخير و الجمال و يشوه و يفسد ثم يجذم إنه يطفئ هذا الخلل الذي بمثابة حريق و هو الماء الذي يخمده فيجسد ملحمة القصة في عفوية ٠٠
* و الخلاصة :
المجموعة القصصية، من واقع الحياة، بعضها مقتبس من الواقع المشاهد أو المعايش للكاتب، تتحدث عن قيم نبيلة ويحاول إبرازها في لوحات أدبية تحكى في رسالة للمتلقي لمعرفة جانب مضيء من غاية هذا القصص مع جماليات النص فالقصة تتصدر الآن الساحة و لها قاعدة عريضة في المجتمع دائما ٠
و أخيرا قد اخترت لك عزيزي القاريء الكريم قصة قصيرة من بين قصص المجموعة بعنوان ( ضريبة النصّ ) تنم عن و عي وفكر فلسفي تجاه الحياة بكافة معطياتها ومدى صدق رؤيته نحوها :
حين أخبرتُه عن رغبتي في أن أكون كاتبًا، واساني بعينيه، وصافحتني كلماته: “ستكون بين نص ونص، نصّ تكتبه، ونص يكتبك”
‏الآن أعرف كيف يمكن أن يكتبني نصّ، كيف يصبح حارقًا تشبثي برغبة الكتابة دون القدرة على صياغة شعوري، لن يشكل الأمر فرقًا حينها بين يدٍ تمسك بقلمٍ أو جمرة.!
خارج هذا الصراع الذي يكسوه الهدوء؛ أمارس ثباتي الانفعاليّ بثقة -مفضوحة كانت أو لا- وثمة من يماري هذا الثبات -الذي أحاوله- باقتحام المساحة الشخصية التي لن يحجبه عنها تجهم الملامح أو صراحة النهي، وهذا ما يعيد للخاطر عبارة “لم لا تتركوا لي ما تبقى منّي؟”
فجأة؛ يتواطأ المتغير الداخلي والخارجي في نيّة ظاهرةٍ لحمايَة بياض السطر الأول، وينالُ الإجهاد بكل أنواعه من حوافز الذهن ومسالك الوصف، حتّى كأني أقف في محضرِ دفع ضريبة مؤجّلة لكلّ سطرٍ نالتهُ ألوان الكتابة، فسوّدت بياضه، كأنما هي جريمَةُ نادى بياضها بالقَصاصِ الرادع، ثم يعدي هذا السوء في تقدير الأمر من حولي؛ لأجد نفسي مدانًا في نظرات العتب أو جهالة العطف، ومجاملة المواساة.
حقًا؛ ليس من السّهل أن أستمع للكثير ثم لا أكتفي بكتابة القليل بل أنني في أحيانٍ كثيرةٍ لا أكتب حرفًا واحدًا ولو من قبيل تعبير أحدهم عن قلقِه من كلّ شيء تجاه كلّ شيء!
بل حتّى حين أفكر فيما يحتاج الكاتُب أن يبذله للتعايش مع مساره الإبداعي، بات من المهمّ عليّ أن أصطحب سؤالاً حول هذا النسق في مجامع الثقافة ووسائل التواصل، وكنتُ أقلق أحيانًا من أن قلق السعي إلى الكتابَة سيحجب انطباعي عن العلاقات المثالية، ففي ظلّ هذا القلق؛ ليست هناك أوقات لا تتم مقاطعتها مهما كانت مهمّة، ولن تكون هناك أحاديث أستمع إليها حتى تنتهي دون أن أستأذن لتدوينِ فكرةٍ عابرَة أثناءها، ومع مرة وأخرى أصبح من الطبيعي أن أعتذر دون تفكير لمن أمامي؛ كأنّ ما أفعلُه هو تجاوزُ على هذه الصورة النمطية للذوق والأدب حتى وإن كان للكتابة التي تصنف ضمن الأدب!
ارتسم لناظريّ بعدُ ألا طريق يخلو من مشقّة، لكنّ شعور الامتنان للتقدير، والتفهّم، ولذة الإنجاز؛ تضمد ما انطوى ليصبح ضمن ضريبة النص.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى