قصة

حُـلْمٌ وَمَـوْتٌ

مُجْدَى متولى إبراهيم

رَفَعَتْ رَأْسِي مُتَأَمِّلَةَ الْحَجَرَةِ الْوَاسِعَةِ بِجُدْرَانِهَا الْمُزَيَّنَةِ, وَأثَاثَهَا الصَّامِتَ كُلَّ شَيْءٍ جَامِدٌ بِلَا حَرَاكٍ, يستقبلنى ظَلَامَ دَامِسَ, عَيَّنَاهُ تَرَقُّبَانِ ذَلِكَ الزَّائِرِ الْخُفَّي.
قَدْ يَنْتَظِرُهُ مُنْذُ ولادتة فِىَّ صَمْتٌ لَا يَبُوحُ بِهِ, لَكِنَّهُ يَعْلَمُ بِأَنَّهُ حَتْمَا سَيَأْتِيهِ بَغْتَةٌ كَأَنَّهُ عَلَى مَوْعِدٍ, ينظر كطفل بَرِيءَ يُرِيدُ أَنْ يُلَامِسُ السَّمَاءُ بِأَطْرَافِ أنَامِلِهِ.
سَقَطَتْ قَطَرَةُ مَاءٍ مِنَ السَّمَاءِ الْمُكْفَهِرَّةِ, اِسْتَقْبَلَتْهَا الْأرْضُ اليابسة لَعَلَّهَا تَرَوَّي ظَمَأُهَا.. تَبِعَتْهَا مَزِيدٌ مِنَ الْقُطْرَاتِ, ثُمَّ هِطْلُ الْمَطَرِ بِغَزَارَةٍ.. اِسْتَطَاعَ أَنْ يُشَاهِدُ الْقُطْرَاتُ.. تَطَرَّقَ زَجَّاجُ النَّافِذَةِ بِقُوَّةِ الْمَطَرِ, مستلقٍ عَلَى ظَهْرِهِ يُطَوِّفُ بِعَقْلِهِ مئات الصُّورَ وَالذِّكْرَيَاتِ, تَعْلُو وَجْهُهُ اِبْتِسَامَةَ مَشْرِقَةٍ.. استَقْبِلُ زَائِرَهُ الَّذِي طَالَ اِنْتِظَارُهُ بَعْدَ أَنْ نَفَّذَ صَبْرُهُ.. اُنْظُرْ إِلَيْهِ أَجِدُهُ كَطَفَلٍ يَحْلَمُ تَنَطُّقُ عَيَّنَاهُ بِالصَّفَاءِ والطيبة لَكِنَّهُ صَامِتٌ بِلَا حَرَاكٍ.. لايستطيع الْمُدَاعَبَةَ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى