دراسات و مقالات

النبي يعفو عن الشاعر كعب بن زهير و يتوجه بردته الشريفة–تغريدة الشــــعر العربي السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيمٌ إثرها لم يفد مكبول
وقال كل صديق كنت آمله لاالهينك اني عنك مشغول
فقلت خلو سبيلي لا أبا لكم فكل ماقدر الرحمن مفعول
كل ابن انثى وان طالت سلامته يوماً على آلةٍ حدباء محمول
نبئت ان رسول الله اوعدني والعفو عند رسول الله مأمول
مهلاً هداك الذي اعطاك نافلة القرآن فيها مواعيظ وتفصيل
لا تأخذني باقوال الوشاة ولم اذنب ولو كثرت فيّ الاقاويل
مازلت اقتطع البيداء مدّرعا جنح الظلام وثوب الليل مسبول
حتى وضعت يميني ما انازعها في كف ذي النقمات قوله القيل
ان الرسول لنورٌ يستضاء به مهندٌ من سيوف الله مسلول
” بانت سعاد – لامية كعب بن زهير ”
—-
و قد نقده النبي في سيف من سيوف الهند مسلول – فعدل الهند قائلا له ” سيوف الله ” ثم توجه البردة الشريفة كما سيأتي في التغريدة …..

عندما نطالع مسيرة شعرنا العربي منذ النشأة نتوقف مع شاعر مخضرم عاصر الجاهلية و الاسلام أنه ” كعب بن زهير ” الذي وقف ضد الدعوة و هجا و شهر بالنبي و الصحابة قبل أسلامه ثم تاب الله عليه و دخل حصن الاسلام عن قناعة و قد تيقن أن العفو عند رسول الرحمة مأمول و مدحه بقصيدة ( لامية ) مشهورة في كتب الأدب العربي و قد ترجمت الي جهات كثيرة …
و من ثم أجازه النبي صلي الله عليه و سلم فتوجه بردته الشريفة و قد نقده في بعد الكلمات فعدلها !!
و بعد ذلك ابلي بلاء حسنا في الاسلام و أصبح من الصحابة الأخيار مدافعا عنه و عن رسوله الكريم صلي الله عليه و سلم ، كما سيتضح لنا في السطور القادمة بأذن الله تعالي .
و قد عارضها كثيرون شكلا و مضمونا من البداية مع الامام البوصيري رضي الله عنه و البارودي و امير الشعراء احمد شوقي و مازال صدي قصيدة البردة تلقي استحسانا من جل الشعراء و المتذوقين لهذا الفن و الابداع المتفرد هكذا …!! .

كان كعب بن زهير شاعرا وكان يهجو النبي ﷺ بشعره، وكان يعير أخاه بجيرا لإسلامه فأهدر دمه فلما بلغه أنه ﷺ أمر بقتله خاف وخرج حتى قدم المدينة بعد رجوع النبي ﷺ من فتح مكة وأسلم أمامه وأنشد قصيدته المعروفة التي أولها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
وكان كعب بن زهير في شعره الجاهلي مُفاخِرًا متوعِّدًا مهددًا، حتى إذا أسلم أخذَتْ نفسُه تصفو، وأخذ يستشعر معاني الإسلام الروحيَّة وقِيَمه المُثْلى

و يعد كعب بن زهير بن أبي سلمى أحد الفحول المخضرمين، وكان كعب قد بلغ من الشعر والشهرة حظاً مرموقاً حين دعاه النبيَّ إلى الإسلام، وإذا اسلم أخوه بجير وبّخه واستحثه على الرجوع عن دينٍ لم يكن عليه أحد من أبائه، فهجاه كعب ثم هجا النبي، فسمع شعره فتوعده وأهدر دمه، فهام كعب يترامى على القبائل أن تجيره فلم يجره أحد، فنصحه أخوه بالمجيء إلى النبي مسلماً تائباً، فرجع بعد أن ضاقت الأرض في وجهه، وأتى المدينة وبدأ بأبي بكر ودخل المسجد وتوسل به إلى الرسول فأقبل به عليه وآمن وأنشد قصيدته المشهورة (بانت سعاد)، فعفا عنه النبي، وخلع عليه بردته فسميت قصيدته بـ (البردة) .
ثم حسن إسلامه وأخذ يصدر شعره عن مواعظ وحكم متأثراً بحكم القرآن وظهرت المعاني الإسلامية في شعره من أن الله هو رازق لعباده وغير ذلك.

قال الفاخوري حول البردة:

ما زالت البردة في أهله حتى اشتراها معاوية منهم، وتوارثها الخلفاء الأمويون فالعباسيون حتى آلت مع الخلافة إلى بني عثمان

. قال الهاشمي أيضاً حول ما آلت إليه بردة النبي :

بقيت في أهل بيته حتى باعوها لمعاوية بعشرين ألف درهم، ثم بيعت للمنصور العباسي بأربعين ألفاً

.
ورث موهبة الشعر عن والده الشاعر الذي اجمع النقاد والأدباء على انه من اعظم شعراء عصره، وكان عمر بن الخطاب لا يقدم شاعرا على زهير، وكان يقول: اشعر الناس الذي يقول: ومن ومن ومن، مشيرا بذلك إلى مجموعة من الحكم في معلقة زهير المشهورة بدأ كلا منها بكلمة “من” مثل قوله:

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه وإن يرق أسباب السماء بسلم
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله على قومه يستغن عنه ويذمم
ونشأ كعب في أحضان والده الشاعر ووسط أسرة تقرض جميعها الشعر، سببا في أن ينظم الشعر وهو صغير، كما أثرت هذه النشأة في أخيه “بجير” الذي أخذ الشعر أيضا عن أبيه.
قال حماد الرواية: تحرك كعبٌ وهو يتكلم بالشعر فكان زهير ينهاه مخافة أن يكون لم يستحكم شعره، فيروى له ما لا خيرٌ فيه، فكان يَضرِبه في ذلك.فكلما ضربه تزيد فيه، فطال عليه ذلك فأخذه فحبسه فقال: والذي أحلف به، لا تتكلم ببيت شعرٍ إلا ضربتك ضرباً ينكّلك عن ذلك. فمكث محبوساً عدّة أيام. ثم أخبر أنه يتكلم به. فدعاه فضربه ضربا شديداً ثم أطلقه وسرّحه في بهمه وهو غلَيِّم صغير. فانطلق فرعى، ثم راح عشية وهو يرتجز:

كأنما أحدو ببهمي عيرا من القرى موقرة شعيرا
فخرج إليه زهير وهو غضبان. فدعا بناقته فكفلها بكسائه، ثم قعد عليها حتى انتهى إلى ابنه كعب. فأخذ بيده فأردفه خلفه. فقال زهير حين برز إلى الحي:

إني لتعديني على الهمِّ جَسرةٌ تَخُبُّ بوصَّالٍ صرُومٍ وتُعنِقُ
ثم ضرب كعباً وقال له: أجز يا لُكَعُ. فقال كعب:

كبُنيانَةِ القَرئِيِّ موضِعُ رَحلها وآثارُ نِسعيها من الدَفِّ أبلَقُ
فأخذ زهير بيد ابنه كعب ثم قال له: قد أذنت لك في الشعر يا بني.
إسلامه
إسلام كعب قصة ترويها بعض كتب التاريخ العربي وتراجم الأدباء العرب فعندما جاء الإسلام اسلم بجير، وبقي كعب على دينه الأصلي، ووقف في الجبهة المعادية للرسول وللمؤمنين به، ولم ينج بجير بسبب إسلامه من لسان كعب، فهجاه لخروجه على دين آبائه وأجداده فرد عليه بجير وطالبه باتباع الدين الإسلامي لينجو بنفسه من نار جهنم، لكنه ظل على دينه إلى أن فتحت مكة فكتب إليه بجير يخبره بأن الرسول قد أهدر دمه، وقال له:
“إن النبي قتل كل من آذاه من شعراء المشركين وإن ابن الزبعري وهبيرة بن أبي وهب قد هربا، وما أحسبك ناجيا، فإن كان لك في نفسك حاجة فأقدم على رسول الله فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا”، وعندما قرأ كعب كتاب أخيه ضاقت به الدنيا،، فلجأ إلى قبيلته مزينة لتجيره من النبي فأبت عليه ذلك، وعندئذ استبد به الخوف وأيقن انه مقتول.
لما قدم الرسول من منصرفه عن الطائف كتب بجير بن زهير إلى أخيه كعب بن زهير يخبره أن الرسول قتل رجالاً بمكة، ممن كان يهجوه ويؤذيه، وأن من بقي من شعراء قريش، قد هربوا في كل وجه، فإن كانت لك في نفسك حاجة، فطِر إلى رسول الله، فإنه لا يقتل أحداً جاءه تائباً، وإن أنت لم تفعل فانجُ إلى نجائك من الأرض؛ وكان كعب قد قال:

ألا أبلغا عني بجيراً رسالةً فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا؟
فبيّن لنا إن كنت لست بفاعلِ على أيّ شيء غير ذلك دَلَّكا
على خُلُقٍ لم أُلفِ يوما أبا له عليه وما تُلفِى علَيهِ أبا لَكا
فإن أنتَ لم تفعل فلستُ بآسفٍ ولا قائل إمَّا عَثرتَ: لعَاً لكا
سقاكَ بِها المَأمونُ كأسا روِيَّةً فأنهَلكَ المأمونُ منها وعَلَّكا
وبعث بها إلى بُجير، فلما أتت بُجيراً كره أن يكتمها على الرسول، فأنشده إياها، فقال الرسول لما سمع (سقاك بها المأمون): صدق وإنه لكذوب، أنا المأمون. ثم قال بجير لكعب:

مَن مُبلِغ كعبا فهل لكَ في التي تلوم عليها باطلا وهيَ أحزَمُ
إلى الله لا العزى ولا اللات وحده فتنجو إذا كان النَّجاء وتَسلمُ
لَدَى يَومِ لا ينجُو وليس بمُفلِتٍ من النَّاس إلا طاهرُ القَلب مُسلِم
فدينُ زُهير وهو لا شيءَ دينُه ودين أبي سُلمى عليَّ مُحرَّمُ

وفي رواية أخرى انه لما بلغ كعبا كتاب أخيه ضاقت به الأرض، وأشفق على نفسه، وأرجف به من كان في حاضره من عدُوَه، فقالوا: هو مقتول.

فلما يجد من شيء بُدّا، خرج حتى قَدِم المدينة، فنزل على رجل كانت بينَهُ وبينه معرفة، فغدا به إلى الرسول الصبح، فصلى معه، ثم أشار له إليه فقال: “هذا رسول الله، فقم إليه فاستأمِنهُ”. فقام كعب إلى الرسول، حتى جلس إليه، فوضع يده في يده، وكان الرسول يعرفه، فقال:” يا رسول الله، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمِنَ منك تائباً مسلماً، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به؟”

قال الرسول: نعم؛ قال: “أنا يا رسول الله كعب بن زهير”. ويروى: أنه وثب عليه رجل من الأنصار، فقال،
“يا رسول الله، دعني وعدوَّ الله أضرِب عنقه”؛ فقال: دعه عنك، فإنه قد جاء تائباً، نازعاً عما كان عليه. فاستأذن كعب النبي وقال قصيدته المشهورة بـ(البردة).

يقول الشاعر صلاح الدين السباعي :

في تلك اللحظات العصيبة شاءت إرادة الله أن يشرح قلبه للإسلام فاتجه إلى المدينة ونزل على رجل يعرفه من جهينة، فأتى به الرجل إلى المسجد، ثم أشار إلى رسول الله قائلا: “هذا رسول الله فقم إليه فاستأمنه” فتلثم كعب بعمامته، ومضى نحو الرسول حتى جلس بين يديه، ووضع يده في يده، ثم قال: “يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما، فهل أنت قابل منه إن جئتك به” قال رسول الله: “نعم”، وعندئذ كشف كعب عن وجهه وقال: “أنا يا رسول الله كعب بن زهير” وما إن قال ذلك حتى وثب عليه رجل من الأنصار قائلا: “يا رسول الله دعني وعدو الله اضرب عنقه”، فقال الرسول: “دعه عنك فإنه قد جاء تائبا نازعا”، وبين يدي الرسول وقف كعب ينشد لاميته “بانت سعاد” فأعجب بها الرسول وكافأه عليها حيث كساه بردة كانت عليه.

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيمٌ إثرها لم يفد مكبول
وقال كل صديق كنت آمله لاالهينك اني عنك مشغول
فقلت خلو سبيلي لا أبا لكم فكل ماقدر الرحمن مفعول
كل ابن انثى وان طالت سلامته يوماً على آلةٍ حدباء محمول
نبئت ان رسول الله اوعدني والعفو عند رسول الله مأمول
مهلاً هداك الذي اعطاك نافلة القرآن فيها مواعيظ وتفصيل
لا تأخذني باقوال الوشاة ولم اذنب ولو كثرت فيّ الاقاويل
مازلت اقتطع البيداء مدّرعا جنح الظلام وثوب الليل مسبول
حتى وضعت يميني ما انازعها في كف ذي النقمات قوله القيل
ان الرسول لنورٌ يستضاء به مهندٌ من سيوف الله مسلول

البُردَة كساء يلتحف به، وأطلق اسماً على القصيدة اللامية: “بانت سعاد”، التي مدح بها كعب بن زهير النبي محمد ، عندما جاءه مسلماً متخفياً بعد أن أهدر دمه، فكساه بردته. واشترى معاوية بن أبي سفيان البردة من ولد كعب، وكان الخلفاء يلبسونها في الأعياد، واحتفظ بها الخلفاء العباسيون، إلى أن احتل المغول بغداد ونهبوها، فأحرقوا البردة، ويقال أنها لم تحرق ولم تزل موجودة باسطنبول. وأطلق أيضاً على ميمية البوصيري: “أمن تذكر جيران بذي سلم”، لأنه أصيب بالفالج، فنظمها مادحاً النبي ومستشفعاً به، فرآه في المنام يمسح على وجهه ويلقي عليه بردته فبرئ. ويقال أن اسمها “البرأة”، وتنسب إليها عدة كرامات في شفاء المرضى. وعني العلماء والأدباء والمتصوفون بالقصيدتين، فألفت حولهما الشروح والمختصرات، وأخضعتا للمعارضة والتخميس والتثليث والتشطير، وأنشدتا في الأذكار، وترجمتا إلى كثير من اللغات. وبعض معارضاتها تعرف بنهج البردة.
و نطالع كل هذا في لاميته التي مدح فيها النبي الكريم صلي الله عليه و سلم ..

وقال فيها:
إن الرسول لنور يستضاء به ** مهند من سيوف الله مسلول
فلما وصل إلى هذا البيت رمى عليه الصلاة والسلام إليه بردة كانت عليه وإن معاوية رضي الله عنه في زمن خلافته بذل له فيها عشرة آلاف درهم فقال: ما كنت لأؤثر بثوب رسول الله ﷺ الذي أعطانيه أحدا، فلما مات بعث معاوية إلى ورثته بعشرين ألفا فأخذها منهم وهي البردة التي كانت عند السلاطين، وكان الخلفاء يلبسونها في الأعياد، وقيل: إنها فقدت في وقعة التتار.

وقد كان كعب بن زهير من فحول الشعراء، وكذا أبوه زهير وأخوه بجير وابنه عقبة بن كعب وابن ابنه العوام بن عقبة.

مع لامية كعب :
—————
و القصيدة تنقسم إلى عدد من المَقاطع، تتضمَّن الأغراض التي احتوَتْها القصيدة، وهي على النَّحو التالي:
1- مقدِّمة غزَلِيَّة.
2- في وصف النَّاقة.
3- اعتذار للرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم.
4- مَدْح للرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم.
5- مدح الصحابة.

و هي القصيدة العربية التي كان كعب يمدح فيها رسول الله وقد أعجب بها النبي كثيراً، وخلع بردته من فوق ظهره و قلده أياه لأنه يجزي العطاء في سخاء بلا حدود —– !!
وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في الزهد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه أن ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يخرج فيه للوفد رداء حضرمي طوله أربعة أذرع وعرضه ذراعان وشبر فهو عند الخلفاء قد خلق وطووه بثياب تلبس يوم الأضحى والفطر في إسناده ابن لهيعة وقد كانت هذه البردة عند الخلفاء يتوارثونها ويطرحونها على أكتافهم في المواكب جلوساً وركوباً وكانت على المقتدر حين قتل وتلوثت بالدم وأظن أنها فقدت في فتنة التتار فإنا لله وإنا إليه راجعون
مع ” لامية ” كعب بن زهير بانت سعاد – البردة من بحر البسيط :
————————————————————
و القصيدة تنقسم إلى عدد من المَقاطع، تتضمَّن الأغراض التي احتوَتْها القصيدة، وهي على النَّحو التالي:
1- مقدِّمة غزَلِيَّة.
2- في وصف النَّاقة.
3- اعتذار للرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم.
4- مَدْح للرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم.
5- مدح الصحابة.

بانت سعاد
(كعب بن زهير)

بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مَكْبولُ
وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا إِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
هَيْفاءُ مُقْبِلَةً عَجْزاءُ مُدْبِرَةً لا يُشْتَكى قِصَرٌ مِنها ولا طُولُ
تَجْلُو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ كأنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
شُجَّتْ بِذي شَبَمٍ مِنْ ماءِ مَعْنِيةٍ صافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهْومَشْمولُ
تَنْفِي الرِّياحُ القَذَى عَنْهُ وأفْرَطُهُ مِنْ صَوْبِ سارِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ
أكْرِمْ بِها خُلَّةً لوْ أنَّها صَدَقَتْ مَوْعودَها أَو ْلَوَ أَنَ النُّصْحَ مَقْبولُ
لكِنَّها خُلَّةٌ قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِها فَجْعٌ ووَلَعٌ وإِخْلافٌ وتَبْديلُ
فما تَدومُ عَلَى حالٍ تكونُ بِها كَما تَلَوَّنُ في أثْوابِها الغُولُ
ولا تَمَسَّكُ بالعَهْدِ الذي زَعَمْتْ إلاَّ كَما يُمْسِكُ الماءَ الغَرابِيلُ
فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ إنَّ الأمانِيَّ والأحْلامَ تَضْليلُ
كانَتْ مَواعيدُ عُرْقوبٍ لَها مَثَلا وما مَواعِيدُها إلاَّ الأباطيلُ
أرْجو وآمُلُ أنْ تَدْنو مَوَدَّتُها وما إِخالُ لَدَيْنا مِنْكِ تَنْويلُ
أمْسَتْ سُعادُ بِأرْضٍ لايُبَلِّغُها إلاَّ العِتاقُ النَّجيباتُ المَراسِيلُ
ولَنْ يُبَلِّغَها إلاّغُذافِرَةٌ لها عَلَى الأيْنِ إرْقالٌ وتَبْغيلُ
مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إذا عَرِقَتْ عُرْضَتُها طامِسُ الأعْلامِ مَجْهولُ
تَرْمِي الغُيوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهِقٍ إذا تَوَقَّدَتِ الحَزَّازُ والمِيلُ
ضَخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْم مُقَيَّدُها في خَلْقِها عَنْ بَناتِ الفَحْلِ تَفْضيلُ
غَلْباءُ وَجْناءُ عَلْكوم مُذَكَّرْةٌ في دَفْها سَعَةٌ قُدَّامَها مِيلُ
وجِلْدُها مِنْ أُطومٍ لا يُؤَيِّسُهُ طَلْحٌ بضاحِيَةِ المَتْنَيْنِ مَهْزولُ
حَرْفٌ أخوها أبوها مِن مُهَجَّنَةٍ وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شْمِليلُ
يَمْشي القُرادُ عَليْها ثُمَّ يُزْلِقُهُ مِنْها لِبانٌ وأقْرابٌ زَهالِيلُ
عَيْرانَةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ مِرْفَقُها عَنْ بَناتِ الزُّورِ مَفْتولُ
كأنَّما فاتَ عَيْنَيْهاومَذْبَحَها مِنْ خَطْمِها ومِن الَّلحْيَيْنِ بِرْطيلُ
تَمُرُّ مِثْلَ عَسيبِ النَّخْلِ ذا خُصَلٍ في غارِزٍ لَمْ تُخَوِّنْهُ الأحاليلُ
قَنْواءُ في حَرَّتَيْها لِلْبَصيرِ بِها عَتَقٌ مُبينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
تُخْدِي عَلَى يَسَراتٍ وهي لاحِقَةٌ ذَوابِلٌ مَسُّهُنَّ الأرضَ تَحْليلُ
سُمْرُ العَجاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصَى زِيماً لم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكْمِ تَنْعيلُ
كأنَّ أَوْبَ ذِراعَيْها إذا عَرِقَتْ وقد تَلَفَّعَ بالكورِ العَساقيلُ
يَوْماً يَظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِداً كأنَّ ضاحِيَهُ بالشَّمْسِ مَمْلولُ
وقالَ لِلْقوْمِ حادِيهِمْ وقدْ جَعَلَتْ وُرْقَ الجَنادِبِ يَرْكُضْنَ الحَصَى قِيلُوا
شَدَّ النَّهارِ ذِراعا عَيْطَلٍ نَصِفٍ قامَتْ فَجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ
نَوَّاحَةٌ رِخْوَةُ الضَّبْعَيْنِ لَيْسَ لَها لَمَّا نَعَى بِكْرَها النَّاعونَ مَعْقولُ
تَفْرِي الُّلبانَ بِكَفَّيْها ومَدْرَعُها مُشَقَّقٌ عَنْ تَراقيها رَعابيلُ
تَسْعَى الوُشاةُ جَنابَيْها وقَوْلُهُمُ إنَّك يا ابْنَ أبي سُلْمَى لَمَقْتولُ
وقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنْتُ آمُلُهُ لا أُلْهِيَنَّكَ إنِّي عَنْكَ مَشْغولُ
فَقُلْتُ خَلُّوا سَبيلِي لاَ أبا لَكُمُ فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَّحْمنُ مَفْعولُ
كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وإنْ طالَتْ سَلامَتُهُ يَوْماً على آلَةٍ حَدْباءَ مَحْمولُ
أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَني والعَفْوُ عَنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ
وقَدْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ مُعْتَذِراً والعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَقْبولُ
مَهْلاً هَداكَ الذي أَعْطاكَ نافِلَةَ الْقُرْآنِ فيها مَواعيظٌ وتَفُصيلُ
لا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوالِ الوُشاة ولَمْ أُذْنِبْ وقَدْ كَثُرَتْ فِيَّ الأقاويلُ
لَقَدْ أقْومُ مَقاماً لو يَقومُ بِه أرَى وأَسْمَعُ ما لم يَسْمَعِ الفيلُ
لَظَلَّ يِرْعُدُ إلاَّ أنْ يكونَ لَهُ مِنَ الَّرسُولِ بِإِذْنِ اللهِ تَنْويلُ
حَتَّى وَضَعْتُ يَميني لا أُنازِعُهُ في كَفِّ ذِي نَغَماتٍ قِيلُهُ القِيلُ
لَذاكَ أَهْيَبُ عِنْدي إذْ أُكَلِّمُهُ وقيلَ إنَّكَ مَنْسوبٌ ومَسْئُولُ
مِنْ خادِرٍ مِنْ لُيوثِ الأُسْدِ مَسْكَنُهُ مِنْ بَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونَهُ غيلُ
يَغْدو فَيُلْحِمُ ضِرْغامَيْنِ عَيْشُهُما لَحْمٌ مَنَ القَوْمِ مَعْفورٌ خَراديلُ
إِذا يُساوِرُ قِرْناً لا يَحِلُّ لَهُ أنْ يَتْرُكَ القِرْنَ إلاَّ وهَوَمَغْلُولُ
مِنْهُ تَظَلُّ سَباعُ الجَوِّضامِزَةً ولا تَمَشَّى بَوادِيهِ الأراجِيلُ
ولا يَزالُ بِواديهِ أخُو ثِقَةٍ مُطَرَّحَ البَزِّ والدَّرْسانِ مَأْكولُ
إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
في فِتْيَةٍ مِنْ قُريْشٍ قالَ قائِلُهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أسْلَمُوا زُولُوا
زالُوا فمَا زالَ أَنْكاسٌ ولا كُشُفٌ عِنْدَ الِّلقاءِ ولا مِيلٌ مَعازيلُ
شُمُّ العَرانِينِ أبْطالٌ لُبوسُهُمْ مِنْ نَسْجِ دَأوُدَ في الهَيْجَا سَرابيلُ
بِيضٌ سَوَابِغُ قد شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ كأنَّها حَلَقُ القَفْعاءِ مَجْدولُ
يَمْشونَ مَشْيَ الجِمالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ ضَرْبٌ إذا عَرَّدَ السُّودُ التَّنابِيلُ
لا يَفْرَحونَ إذا نَالتْ رِماحُهُمُ قَوْماً ولَيْسوا مَجازِيعاً إذا نِيلُوا
لا يَقَعُ الطَّعْنُ إلاَّ في نُحورِهِمُ وما لَهُمْ عَنْ حِياضِ الموتِ تَهْليلُ
هذه كانت صفحة من صفحات شعرنا العربي مع شاعر فحل مخضرم جاهلي و اسلامي ” كعب بن زهير ” ختم الله له بالخير بعد ان هجا النبي و من معه ثم طلب العفو و الصفح ورجع تائب و علم أن العفو عند رسول الله مأمول و استهل قصيدته بمطلع غزلي ” بانت سعاد ” و من ثم توجه النبي بردته الشريفة و تظل كلماته تتوارث حتي الان في كتب الأدب لها الصدارة دائما .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى