يعتمد هذا الموجز على ما ورد في سلسلة تاريخ الأدب الدانماركي, Dansk Litteratur Historie، إصدار دار النشر الدانماركية جولدندال Gyldendal
الباب الأول: البدايات 1100-1600م.
الفصل 1: اللاتينية أولًا
في البداية كان النقش على الآثار التاريخية. عُرفت تلك النقوش بالأحرف الرونية. كانت تقتصر على تدوين أخبار القادة، إنتصاراتهم و تحركاتهم . لكنها كانت مختصرة جدًا، ولا يمكن اعتبارها نوعٌ من الأدب. لم يتم كتابة نصوص أدبية في الدانمارك إلّا عند نهاية القرن الحادي عشر ميلادي و بعد تغلغل و انتشار المسيحية. .
تغلغلت المسيحيةُ في دول الشمال بين القرن العاشر و القرن الحادي عشر انطلاقًا من ألمانيا. و في عام 1104م استقلت الدانمارك كإمارة كنسية.
إتحدت النرويج مع الدانمارك عام 1380م. و انضمت السويد للإتحاد عام1397 في وقتٍ كانت أوروبا تتجه نحو المدنية و تشهدُ تطورًا في الزراعة و صناعة السفن إضافة الى التجارة و الحرف اليدوية. مع نهاية العصر الوسيط، برزت الدانمارك كقوة فاعلة يُحسب لها حساب باقتصادٍ مزدهر، لكن من الناحية الثقافية دلت الحركة الإصلاحية على أن يمكن اعتبار الدانمارك تابعة لشمال ألمانيا .
أصبح الدين في العصر الوسيط بالكامل هو الرابطة الأهم التي تجمع بين البشر، وسرت التعاليم و التشريعات الدينية على الجميع، مؤمنين و غير مؤمنين. و كان من الطبيعي أن ينعكس ذلك على الأدب الدانماركي بصبغه بالصبغة الدينية. لكن قبل نهاية العصر الوسيط بقرنين صار من الممكن التمييز بين أدب ديني و أدب دنيوي.
افتُتحت أول جامعةدانماركية في كوبنهاجن عام 1479م. أما رواد الأدب الدانماركي الذين برزوا في القرن الثاني عشر مثل ساكسو و أندرس سونيسن فقد تتلمذوا في معاهد شمال فرنسا. عديد من الدانماركيين أقاموا ودرسوا في باريس في منتصف القرن الرابع عشر. و الدانماركي بوثيوس درّس في جامعتها. بعد الطاعون الأسود1347-1352 صار الدانماركيون يكتفون بالذهاب الى المدن الألمانية للدراسة.
لعبت الأديرةُ المسيحيةُ دورًا احتكاريًّا في نسخ و الحفاظ على الأدب و تأليفه في العصر الوسيط. تمّ كسر هذا الإحتكار في القرن الثاني عشر. و حتى القرن الثاني عشر احتفظت الأديرةُ بحق إصدارِ الكتبِ. و تغير الوضعُ بعد قرنٍ من الزمان، و أصبحت هناكَ هيئاتٌ تُصدر الكتب الجامعية متأثرةً بازدهار صناعة الورق في أوروبا. و سادت الكتب الورقيةُ السوق منذ بداية القرن الخامس عشر.
كان الأدب الدانماركي في البداية يُكتبُ باللاتينية، و استمر كذلك الى بداية ما يُعرف بعصر هولبرج في بداية القرن الثامن عشر. الجدير بالذكر أن الأدب و قراءته اقتصرا على النخبة في الفترة التي سادت فيها اللاتينية. لكن منذ بداية القرن الثاني عشر، أخذت اللغة المحلية الدنماركية تُستخدم في الكتابة. معظم الكتب كانت نصوصًا تشريعيةً أو ترجمات. و يذكر أنّ اللغة الدانماركية أخذت في التطور، فدخلت عليها الكثير من الكلمات من اللغات الألمانية و الفرنسية و الإنجليزية. كما تغيرت تهجئة الكثير من الكلمات بحيث يصعب على القارئ اليوم قراءة نصّ دانماركي قديم إن لم يكن على اطلاعٍ على التغيرات الحاصلة في اللغة.
شكّل إنتاج الكتب في الدانمارك بداية ظهور الأدب الدانماركي في نهاية القرن الحادي عشر. و ظلّت أعداد الكتب المُنتَجة متواضعةً نسبةً للكتب المستوردة، و ذلك لفترةٍ طويلة. أولى الكتب الدانماركية الأدبية كانت نُسخًا عن الملك الدانماركي كنُد المُقدس و الذي حكم في الفترة 1080-1086م. حوالي عام 1120م صدر كتاب دانمركي عن قصة الملك كنُد المقدس مع إخوته، وهي شبيهةٌ بقصة النبي يوسف عليه السلام مع إخوته. مؤلف الكتاب راهبٌ إنجليزي يُدعى إلنوث، وهو يُعتبر أول مؤلف كُتب دانماركية في الدانمارك.
بدأ التأريخُ لتاريخ الدانمارك في حوالي القرن الثاني عشر. ثم بدأت تظهر المقالة التي تحوي 20 صفحة تتحدث عن الملوك وإنجازاتهم و علاقاتهم. من أشهر المقالات مقالة روسكيلدةRoskildekroenik و التي احتوت على معلومات قيّمة عن كُتب و نصوص في الدانمارك في تلك الفترة. وردَ في مقالة لايغا Lejre أن أول ملك دانماركي كان يُدعى دان Dan و أنّ الملك رو Ro هو من أسس مدينة روسكيلدة التي أصبحت فيما بعد عاصمة الدانمارك. يُعتبر سفن آجاسنSven Aggesen و ساكسو Saxo رائدان في التأريخ للدنمارك. و كان هناك الكثير من أوجه الشبه بينهما، و عاشا في نفس الحُقبة التاريخية، إِلَّا أن مؤلفاتهما كانت باللاتينية. كما يُعتبر كتاب ساكسو<إنجازات الدانماركيين>Gester Danorum أعظم كتاب لمؤلف دانماركي في العصر الوسيط. يتألف الكتاب من 16 مجلدًا، كما أنّ جُزءًا. منه يدورُ حول أساطير قديمة. بعد تأليف القسم الأول من الكتاب كانت المسيحية قد زحفت على الدانمارك من ألمانيا و أصبحت هذه مادةً أساسيةً في الكتاب. كما حوى الكتاب على كثير من القصائد الشعرية. في زمنٍ لاحق، تمت ترجمة هذا الكتاب الى اللغة الدانماركية6 مرات تحت عنوان <تاريخ الدانمارك>. في القرن الثالث عشر، ازدهرت صناعة استيراد الكُتب من خارج الدانمارك و كان ذلك على عاتق النخبة.
خلال القرن الثالث عشر، غزت الأرقام العربية مجالات الحساب و خاصةً الحسابات الفلكية التي كانت تقوم بها الجامعات الأوروبية. و أثّرت بالتالي على كمية الكتب المتاجر بها. و قد شرح كيفية ذلك بيتر ناترجال Peder Nattergal و طبّق الحساب بالأرقام العربية على مفكرته عن الفلك و التي عملت بها الجامعات.
أكثر الكُتب التي كتبها دانماركيون قبل القرن الرابع عشر و التي ما زالت محفوظة، تدور حول الفلسفة التي كانت تشهدُ ازدهارًا في القرن الثالث عشر.
كُتبت أول النصوص باللغة الدانماركية في كُتب من الرُّقع تحت حكم فالديمار الكبير Valdemar den Store و أبصالون Absalon حوالي عام 1170م. و كان قد مرّ على إنتج الكتب بالرُّقع حوالي مئة عام، الى أن تقرّر مركزيًّا التحول للغة الدانماركية. في الفترة من 1170-1300 سادت كتب التشريعات القانونية، و كان بعضها مترجمًا.
بالنسبة للمرأة في تلك الحقبة، لم يكن لديها حريةٌ شخصيةٌ كبيرة، و كان يُعوّلُ كثيرًا على تُقاها وورعها الديني. كما كان يُفترضُ بها الصمت عندما يتكلم الرجالُ في الإجتماعات. و نادرًا ما كانت النساءُ يُجدنَ اللغةَ اللاتينية.
بدأت الدراما في العصور الوسطى تنمو وتتطور انطلاقًا من الصلاة الكاثوليكية، حول بداية القرن الحادي عشر. من ضمن ما تمّ الحفاظُ عليه مخطوطةمسرحية كنُد المُقدّس 1574. القُدسيّة والسُّخرية كانتا الصّفتان اللتان لزمتا الدراما في القرن السادس عشر. بقيتْ بعض المسرحيات لتشهد عصر الإصلاحِ، من ضمنها، المسرحية الدانماركية <رقصةُ الموت>.