العزف علي ضفاف الجرح ٠٠ الأديب و الشاعر و الباحث التونسي ” حسن بنعبدالله “
السعيد عبد العاطي مبارك
” إذا ما كتبتُ إلى الشعر
أوخرجتْ من عيوني إليه
تصاوير أسئلتي .. والمعاني
وأسئلتي .. والبكاءْ
وحوّلتُه من سياق الظلام
إلى عاشق في الضياءْ
إذا ما ارتكبتُ به
في الغموض
وعلّقتُه في المجازْ
وأمعنتُ في الصّمت
حتّى يراني
ويشهدُ لي بالحقيق ”
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
في بلاد تونس ذات المروج الخضراء يظل الشعر مقصد الانسان هناك حيث طبيعة الجمال الساحر الذي يحرك الوجدان و يفتح الفكر علي المشرق العربي و يتغلغل نحو المغرب الأقصى حضاراته و تراثه التي أثرت في الإنسان المبدع مع الفنون الجميلة كي يظل ( ابن خلدون – و أبو القاسم الشابي نقطة انطلاقة في محور الثقافة المتنوعة شرقا و غربا ، بل و ملمحا من وحي البيئة التي تلهم الروح بكل مقومات الابداع المتجذرة نحو الأفق هكذا ٠٠٠
نشأته:
٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ولد الصديق الأديب و الشاعر و الباحث التونسي حسن بنعبد الله في تونس الخضراء و يقيم في صفاقس ٠
و حسن بن عبدالله ـ أديب وباحث في الشأنين الأمني والدّيني .. أصيل مدينة الرّديف / قفصة ـ تونس .. تلقي التعليم الابتدائي ـ بالمدرسة الابتدائية ـ الحياة ـ الرّديف ،والتعليم الإعدادي بمعهد المتلوي والثانوي بقفصة ـ ثم التحق بالوظيفة العمومية سنة 1973 وتقاعد سنة 2006 ــ انخرط في اتحاد الكتّاب التونسيين سنة 1990 ـ انخرط في اتّحاد الكتّاب التونسيين الأحرار ـ فرع الوطن القبلي سنة ـ 2013 .. كاتب عام جمعية فنون الحياة بطينة … ثم عاد مجدّدا إلى اتحاد الكتّاب التُّونُسيين سنة 2018 ــ
عضو الرابطة المركزية لكرة القدم بصفاقس لمدة 4 دورات ـ 12 سنة ـ عضو الهيئة المديرة للجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات ـ فرع صفاقس …
ــ عضوسابق لهيئة تحرير مجلّة الأدباء الدولي 2016/ 2017ـ مديرمؤسسة هديل للنّشر ٠
من اصدارته :
***********
في مجال الشعر = العزف على ضفاف الجرح / سنة 1989 .. تسابيح : / سنة 1990 لا وقت لي / سنة 1994 ” الأخلاَّاء ” ـ أوراق اللّيل / سنة 2000 بالتعاون مع بيت الشّعرتونس .. أجنحة الماء ” صامد ” / سنة 2004 . ـ توابع الإعياء / سنة 2009 ـ قصائد الأصداء / سنة 2017 تعبيرات سنة 2018 ـ كتابُ البيّْنات ـ كتابُ الأمسيات ” مختارات ” ـ 2019 ” هديل للنشر”
ــ مقاربات نقدية = 4 كتب على جزئين ـ 2018 / 2019 ـ مقاربات / هديل للنشر
ــ إبداع نثري = أحاديث العافية ـ سنة 2009 ـ أسئلة الرّماد ـ فكر سياسي ـ سنة 2009 ـ ـ أبحاث في المجال الديني عدد 10 كتب أبحاث في الشأن الديني وسلسلة محاضرات رمضانية ـ التراويح ـ كتاب النجوم ـ بلغوا عني ول آية ـ رسائل اليقين ـ العقيدة ـ القرآن
ــ طرح سياسي = مرج الكلام ـ 2011 ـ اليقين 1 واليقين 2 ـ أسئلة الرماد ـ حياد المساجد
ــ الرواية = مرج الكلام سنة 2011 ـ ” ورقات من قضية جارية رواية محنة سنة 2014
ــ أبحاث في المجال الديني = 08 كتب محاضرات وأبحاث ” هديل للنشر” ـ القرآن صاحبي ـ سنة 2014 ـ هذه عقيدتي ـ رسائل اليقين ـ كتاب التراويح رمضان 2015 ـ بلّغوا عنّي ولو آية ـ 2016 ـ كتاب النّجوم ـ كتابين بعنوان “يا أولي الألباب حصص مسامرات دينية 2016 جزئين ”
ـ حائـز على ـ جوائز = مفدي زكرياء للشّعر المقاوم المغاربي بالجزائر سنة 1992 ـ جائزة الطّاهر الحدّاد لسنتي 1992 و1993 ـ جائزة صالح جغام للآبداع الأدبي والفكري …
مختارات من شعره :
————————–
مع ” ومضات ” متنوعة يطوف بنا بين ظلالها حيث تنجلي النزعات الصوفية و الرومانسية و الاجتماعية و الوطنية ، و توظيف الرمز و الأسطورة التي تعكس ملامحنا و تجسد صدق رؤيته و تبعث عمق الشخصية العربية في أصالة من خلال الكلمات و الصور المتوالية في زخم الايقاعات، و من يسرد أحاسيسه فكرة يروح بها مرايا للواقع بأطيافه فيقول فيها :
ومضـــات
…
1 ـ هودجٌ ..
كلّما رقصتْ زهرةٌ
وانتشى ظلُّها بالأريجْ
يحتويني الهوى
وأفوحُ مع بهجتي في المروجْ
وأرى عُرسَ بَثِّ الحَقِيقَةِ في هَودَجِهْ
…
2 ـ مسكني ..
مسكني في رؤى الرُّوحِ
حين تروِّجُني للهوى
فأفوحْ
مسكني / ظلُّ أمّي
ورائحةُ الحزمِ
في حرصِها والوضوحْ
3 ـ عشتُ أدري ..
عشتُ أدري متى أنتشي وأُغنّي
وكيفَ أردُّ على غُربتي في غُرابْ
وكيفَ أسوّي القصيدةَ
كيْ لا تحيدَ عن الشّمسِ
والأمسِ في الذاكرهْ
وكيف أنسِّقُ عزفي مع هربِ الشمس
قبل الغروبِ .. وبعدهْ
وكيفَ أشمُّ الظلامَ
وأطويهِ فيَّ رخيما
وأسكنُه عاشقا في القيامْ ـ
…
4 ـ الغريب …
مدّ لي يدَهُ
واحتواني بعُمقِ السؤالْ
قلت: مــن ؟
هزّ في خاطري
وبكـــى
ـ هـوَ .. أمْ شابَ وقتي
وخانتنيَ الذاكرهَ
…
5 ـ الدّمعة …
في دمعةٍ مضيئةٍ
تقولُ كلَّ شيءْ
وتتركُ الصّراخَ للصّراخْ
…
6 ـ كتابَةُ الأرقْ …
تحتاجُ إلى أرقٍ
كيْ تكتُبَ بالأبيضِ في الظلماءْ
…
7 ـ موكبُ الموت ..
في موكبِ الموتْ
تُوزَّعُ أسئلةُ الشايْ
ولا أستطيعُ حضورَ عزائي
…
8 ـ ظلّي والبلح …
سألتُ عن الظلِّ
فانتصبتْ شجرهْ
طويتُ وقوفي مع الشّمس
وهيَ تغيبْ
وعلّقتُني في حنينِ البلحْ
…
9 ـ بدأتُ أفكِّرْ …
بدأتُ أفكّرُ
فلا تبحثوا في تجاعيدِ صمتي عن الأسئلهْ
وماذا عسَى أَنْ أقولْ
بدأتُ أفكّرُ بيني وبيني
وخوفا من الله فيَّ
وقوفا مع الوقتِ
والحسمِ
والذاكرهْ
وقد أتجلّى غريبَ الملامحِ
أخفي السطورَ .. وأقراْ
وقد أتلوّنُ مع الشّمس في زُرقةِ البحرِ
أو في الظلامْ
وقد أتهجّى حديثَ الوصولِ
إلى غُربتي في مواعيدِ قوسِ قُزَحْ
…
10 ـ رداء الرّبيع ..
أراني أخيطُ رداءَ الرّبيعْ
لأطوي به في ليالي الشتاءْ
وأسترُ خوفي لكي لا يُقالْ :
تمزّقَ قبلَ الذيوعْ
وقبلَ الوصولِ إلى حلُمي في العراءْ
11 ـ كيف تُربّي حِصانَكَ …
لقدد صحَّ قولُ التي علّمتكَ حديثَ الفوانيسِ
لكيْ تكتوي من القلبِ
حتّى اكتشافِ الدواميسْ
وكيف تُعمِّقُ حفرَ الأحاسيسِ
من الصّمت منك
إلى صورٍ طائرهْ
وكيف تُواجِهُ جدبَ النّفوسِ
وكيف تُربّي حصانكَ فيكَ
شديدَ المراسِ
ومتّصلا بالمواقيتِ
في عُريها حائرهْ
ولا يقبلُ الركضَ إلاّ بروحِ الخببْ
ولا يعتريهِ التّعبْ
…
12 ـ قصائدي والبكاء ..
ـ هي صنفٌ : حين أبكي
فاقدا رسما لوجٍ
كان يأتيني ويقرأْ
ويُحيلُ الكلماتْ .
من يقيني
صوبَ بحرِ الظلماتْ
ثمّ يُدنيني إليه بالشذى .. فهوَ حبيبي
ـ وهيَ صنفٌ : كلّما أعلنتُ أفراحي
وطارتْ بالفراشاتِ
إلى أعلى السّماءْ
وهيَ مائي في شحوبي
ـ وهي صنفٌ : كلّما طبّقتُ خوضي
في الملاحمْ
وتألّمتُ من الظُلمِ
ومن أهلِ المظالمْ
فأصلّي مستجيرْ
هاربا منهمْ
إلى ربٍّ قديرْ
ــ وهيَ أحلى في بُكائي
كلّما فكّرتُ في سيري
إلى عمقي الأخيرْ
واعتبرتُ العمر خوفا ، واستِجَابَهْ
…
13 ــ قصّةُ الغور ..
للهِ حديثُ البئرْ
ولي الشّعرْ
قالوا : أأنتَ الخائفْ ؟
قلتُ: أنا الخائفْ
ومعي السّورةُ .. والإصغاءْ
حين أعمّقُ بالأنفاسِ إلى الدّاموسْ
وأشمُّ الواقعَ في عمقِ الغورْ
…
14 ـ وفــــاء ..
إذا خنتُ يوما
أخونُ كثيرا
ويسقطُ فيَّ الوطنْ
هيَ الكلمات التي في النّشيدْ
أردّدُها كلَّ عيدْ
نموتُ / نموتُ ويحيا الوطنْ
لماذا نموتُ ..
ليحيا الوطنْ
وفي وسعنا أن نحقّق أحلامنا
ونقيمُ الوطنْ
نكفّرُ عن سيّئاتِ الوعودْ
وما فرّغ الوقتُ فينا
ونخرجُ من شركنا ـ
” ولا عاش
في تونس
من خانها ”
…
15 ــ حين أكتُبْ ..
أكونُ على غايةِ الصّحوِ
حين أمدُّ يدي للكتابةِ
حين أباشرُ فعلَ الكلامْ
وأهتزُّ في داخلي
بالغرامْ
أغازلّ أنثى الحديث
فترقُصُ لي
وتمنحُ من فيضها للتّمام
…
هيّ اللّغةُ المانحهْ
تُبيحُ التلاعُب بالصور الفاتحهْ
تطيّرُ منّي الحمامْ
تهيِّجُ إعرابَها
وترفضُ أغرَابَها
وتسري معي في الظلامْ
…
16 ـ قولٌ قُزحْ ..
تقزّحُ بين الجبالِ
وأشجارِها
وبين الجفاف
وأمطارِها
وبين السطور
وأخبارِها
وتقرأُ من واردٍ فيكَ
مصدرُه المقبرهْ
وتكتُبُ من مهجةِ العشقِ
في تمتماتِ أبيكْ
وتأخُذُ من روحِ قوسِ قُزحْ
***
و يقول حسن بنعبد الله التونسي في قصيدة أخري بعنوان ” العشق الأخير ” مستحضرا محطات من كتاب العشق في تلقائية مازالت عالقة في مخزون ذاكرته حيث يسمو في غبطة مع الروح يداعب أهداب الحقيقة طاويا المسافات ، أليس هو القائل : أحب السباحة في ماء روحي ٠٠ بين صفاء نبضاته الحائرة ، يبعث الشوق مع نسيم الصبا الذي يعطر موكب الحياة في براعة الوطن الملهم تونس لوحة الانطلاقة صوب الجمال و الحب و السلام موعدا أنين البعد و الصراعات بين ملاحمه البكائية و الغنائية معا ٠٠
:
العشقُ الأخيرْ
تونس
تهيجُ المشاعرُ
ما بين دفّ
وسُكر خفيف .. وآآهْ
سموًّا بروحي إلى غبطة الانتباهْ
وأطوي المسافة
ما بين قلبي وربّي
مُريدًا
وفي خاطري ـ لهفتي كيْ أراهْ
وإنّي بعقلي .. وروحي أراهْ
….
تهيجُ المشاعرُ
لي في التصوّف رؤية عشق قديم
وعين ترى بالقريب إلى عالم الاشتباهْ
أخافُ .. وأخشى
وأرتاب من قول نفسي عليَّ
وما تدّعيه الشفاهْ
أحبُّ السباحة في ماء روحي
وأعشقُ منزلة في مداهْ
لأزداد قربًا
وأزداد حبًّا
وأظفرُ في غُربتي بالإلهْ
…..
تهيجُ المشاعرُ
والصّمتُ أطلقَ من فيضه بالصفاءْ
وطارَ الوجودُ
وطارَ الغناءْ
وأغرقني طربُ في رخيم ٠٠
…
هذه كانت قراءات سريعة لعالم الأديب و الباحث التونسي ( حسن بنعبد الله ) ٠
الذي راح ينقص إبداعاتهم الفنية من جديد علي قيثارته المحترقة بين مروج تونس الخضراء ، فهو عاشق للطبيعة و رائحة الزيتون و قصيدته هي الأنثي و الوطن جناحان لعملية فنون الأدب و التراث ، بل هوية هذا الإنسان الفنان العبقري صوت الحياة القوي هنا دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد أن شاء الله ٠