إن الدين ليس مجرد شعائر فقط .. ليس مجرد ركعات .. ولا رشات على الوجه كل يوم باسم الوضوء .. أيضاً لا يمكن أن يتقلص الإسلام ليصبح نقاشاً … حينما تصبح المعارك الدينية مجرد شكليات ، فهذه كارثة ونكسة … وأسوأ منها الاتجار بالدين ، وأن يصبح الدين ذريعة لتكفير الناس ، .. وشهر البنادق والسلاح فى وجوههم وتخريب المجتمع ، ومعاداة العلم .. الدين داخل فى كل شىء .. الدين يأمر الناس بالاستزادة من العلم والقراءة والاطلاع ، والتفكير فى خلق السموات والأرض .. الدين لا يتناقض مع العلم .. بل إنه يزاوج العلم ويرافقه ويؤيده .. ويأمر به .. بل إنه هو عين العلم .. الدين هو علم الله .. ولا تناقض بين العلم بالله والعلم بمخلوقات الله .. بل إنك تزداد بالله علماً كلما ازددت بمخلوقاته دراية .. : ( قل انظروا ماذا فى السموات والأرض ) . لا تناقض بين الدين والعلم . وحينما تتعطل وظيفة العقل الانتقائية بهذه الدرجــة ، وتختلط القيم ، ويتوه فى الحوارى والأزقة .. وينسى الجوهر .. ويصل فى الشكليات والتفاصيل .. ينسى المتدين أن الدين رحمة وعدل وصفاء وتسامح .. ويمارسه على أنه قتل وقسوة وتسلط .. حينما تفوت البديهات على الناس بهذه الدرجة .. فإن الكارثة لا تصبح كارثة سوء فهم الدين .. ولكننا أمام كارثة أكبر ، هى كارثة مرض النفوس .. فنزاول الغل والقتل والحقد والحسد .. وننفس عن الضغائن .. وهى تخدع نفسها بأنها ترض الرب .. وتمارس ديناً وفضيلة .. فالدين الإسلامى فى حقيقته إحياء ضمائر .. وإحياء نفوس .. وموعظة بالحسنى .. والله لم يطلب من نبيه إلا مجرد التبليغ : ( إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء ) . ( لست عليهم بمسيطر ) . ( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) . وإذا كان هناك مجال للثورة فى الدين ، فهو أن تثور على شيطانك أولا .. وتحكم نفسك الأمارة بالسوء .. وتمنع رغباتك وأطماعك وحسدك وحقدك قبل أن تحاول أن تحكم غيرك . فمملكة النفس هى المجال الأول والأخير للدين أما المجتمعات فهى لن تصلح أبداً إلا بصلاح النفوس التى تسوسها . وبهذا المعنى ، فإن الدين لا يتناقض مع العلم .. بل إنه يزاوج العلم ويرافقه ويؤيده .. ويأمر به .. بل إنه هو عين العلم . الدين هو علم الله .. ولا تناقض بين العلم بالله والعلم بمخلوقات الله .. بل إنك تزداد معرفة بالله وعلماً كلما ازددت بمخلوقاته دراية . : ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ، وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت ، وإلى الأرض كيف سطحت ). وليس العارفون هم حملة الشهادات .. وإنما هم أهل السلوك والخشوع والتقوى وهؤلاء قلة لا زامر لهم ولا طبال .. وليس لهم فى الدنيا راية ولا موكب .. وسلوكك هو شاهد عملك وليس الدبلوم أو .. البكالوريوس أو الجائزة التقديرية . أما العارفون الذين هم العارفون حقاً فهم البسطاء . أهل الاستقامة والضمير الذين تراهم دائماً فى آخر الصف إذا حضروا لم يعرفوا وإذا غابوا لم يفتقدوا .. وإذا ماتوا لم يمش خلفهم أحد . هؤلاء إذا دفنوا بكت عليهم السموات والأرض وشيعتهم الملائكة .. جعلنا الله منهم .