التشكيل البصري في نصوص الشاعر جاسم آل حمد الجياشي
( سيميائية علامات الترقيم ) بقلم/ حسين عجيل الساعدي
التشكيل البصري في نصوص
الشاعر جاسم آل حمد الجياشي
( سيميائية علامات الترقيم )
بقلم/ حسين عجيل الساعدي
النص الشعري الحداثوي لا يرتكز في جوهره على الخصائص الفنية والجمالية واللغوية فحسب، بل يُراعى فيه التشكيل البصري، الذي هو في أبسط تعريفاته :(كل ما يمنحه النص للرؤية، سواء أكانت الرؤية على مستوى البصر/ العين المجردة، أم على مستوى البصيرة/ عين الخيال) التشكيل البصري في الشعر العربي الحديث/ محمد الصفراني، ص18.
وعلامات الترقيم في النص الشعري جزء من هذا التشكيل البصري.
فظاهرة علامات التَّرقيم في النص الشعري العراقي المعاصر، ظاهرة حداثوية جاءت نتيجة تراكمية أفرزتها حركة التجديد الشعري في العراق، والتي تبناها شعراء الحداثة العراقيين في النصف الأول من القرن الماضي، علما أن إستخدام علامات الترقيم من قبل العرب كان بحدود مائة عام الماضية، عندما طلبت وزارة المعارف المصرية من “أحمد زكي باشا” أن يقوم بإدخال علامات الترقيم على العربية ووضع أسسها وقواعدها وفق ما وضعه علماء الغرب، يقول”أحمد زكي” عن سبب نقله علامات الترقيم للعربية :(دلت المشاهدة وعززها الأختبار على أن السامع والقارئ يكونان على الدوام في أشد الأحتياج إلى نبرات خاصة في الصوت أو رموز مرقومة في الكتابة يحصل بها تسهيل الفهم والإدراك.)
السيميائية تعنى بدراسة علامات الترقيم والأخيرة تعني (وضع علامات أصطلاحية معينة بين أجزاء الكلام أو الجمل أو الكلمات، لإيضاح مواضع الوقف وتيسير عملية الفهم والأفهام) . فهي تؤثر في الشاعر والمتلقي على حداً سواء، وتحمل معطيات ودلالات ذات أبعاد نفسية وحسية ومعنوية تستنهض فكر المتلقي في فهم وتأويل وتحليل النص الشعري. فوجودها في النص ليست تزويقاً له أو ترفاً فكرياً أو كتابياً أو علامات زائدة أو زخرفة جمالية أو وجود ثانوي أو هامشي، بل وجودها يحمل دلالات وعلامات سيميائية هامة في عملية الفهم المعرفي للنص، برمزيته ولغته. فهذه العلامات تؤدي (دوراً إيقاعياً تسهم في إيقاع القصيدة صوتياً وبصرياً)، وجود هذه العلامات في محتويات النص كدوال لغوية ونسق فني يحوله الى طاقة تعبيرية وجمالية، في عملية تناغم بين الدلالة البصرية ودلالة النص الشعرية، ذهنياً وأنفعالياً .
فدورها هام في توضيح الدلالات ذات الأبعاد النفسية، وأستكشاف الرؤى المتمركزة باللا شعور لدى الشاعر، وتحفيز فكر وخيال القارئ، وأعطاه فسحة في إعادة كتابة النص على أن لا يبتعد عن جوهر النص، لأن عدم وجودها، قد يسبب (أتساع الدلالة أو أنتاج معنى مغاير للنص) .
يؤكد جاك دريون أن:(الترقيم ليس قضية تركيب أو تنفس، بقدر ماهو نتيجة حتمية لشكل معين من أشكال التفكير. أما القاعدة الضابطة له، فهي تلك التي تقتضيها الفكرة المعبر عنها. بل إن الغاية المرتجاة منه تنبع من صميم التفكير ذاته). البحث التربوي: مناهجه وتقنياته/ د.جميل حمداوي .
الشاعر “جاسم آل حمد الجياشي” يطرح رؤية تجديدية في شكلانية النص الشعري وقصدية العلامة السيميائية وخروجه من الصيغ التقليدية المتوارثة في كتابة النص الشعري، وتوظيف العلامة الرقمية وإعطائها بعداً إبداعياً وسيميائياً في رسم رؤية فكرية كبيرة الأتساع في داخل النص، قد تعجز اللغة ذاتها الإتيان بها، من خلال ضبط إيقاعية النص والمنحى الدلالي له والتوجه به نحو المتلقي برؤية حداثوية سيميائية جديدة.
أن الرحلة الشعرية لنصوص الشاعر “الجياشي” لم تأتي من خلال ترف شعري مريح بل فيها من معاناة والجهد المبذول الذي ينسجم مع إبداعه في نسج نص شعري يستحق التوقف عنده.
أن الذي يجعل الآخر المتلقي والمتأمل في نصوص الشاعر “الجياشي” هو الدقة في إستخدام العلامة الرقمية والتي تحدث تناغم بين الكلمة والحركة الرقمية في المكان والمعنى.
عند قراءة نصاً شعرياً “للجياشي”، نرى ترابطاً ذهنياً ووجدانياً بين المتلقي وسياق النص. فوجود العلامات لم يكن أعتباطياً أو عشوائياً كما يستخدمها البعض وكأنها زخرفة جمالية للنص، بل عن قصدية حداثوية واعية لطبيعة وغرض العلامة السيميائية المنسجمة مع طبيعة وحداثة النص، فهي دلالة يعنيها الشاعر ويقصدها. فالجياشي يستدرج علامة الترقيم لنصه الشعري لغرض توظيفها لخدمة الرؤية الإبداعيةلديه، والتعامل معها كدلالة لغوية وبصرية تعكس دلالات ووظائف جديدة. الشاعر الفرنسي ستيفان مالارميه (1842/ 1898)، الذي يعد واحداً من رواد التيار الرمزي ومن واضعي الأسس الأولى للحداثة الشعرية والأدبية، يقول في هذا الصدد:(خذوا نصاً وضعوه جانباً، ولا تتركوا إلا علامات الترقيم. إن هذه الأخيرة تعتبر مفضلة لأنها تمنح صورة للنص وأتساقه …) تحليل الخطاب/ محمد الماكري، ص.107.
الشاعر “جاسم ال حمد الجياشي” في ورشة عمل فنية وأبداعية يريد بها إعادة تشكيل النص في إطار جديد ومغاير. فيجعل للنص قراءات وتأويلات متعددة، يخترق بها حدود وقواعد المدارس الشعرية، التي دأب الشعراء على أن لا يغادروها حتى أمست مسلمات شعرية يتم النظر اليها بقدسية لايمكن المساس بها . فنصوص “الجياشي” الحديثة منفتحة على رؤى فلسفية وتشكيلية وفكرية، فيجب أن نفهم ضرورة التحديث الذي قام به، من خلال فهم الدافع الفني الذي أنطلق منه في تحديث الشكل وتفعيل محتواه بعيداً عن التناقض مع المضمون .
هل هناك من كتب في هذا النوع من النصوص؟ نعم هناك من إستخدم هذا الشكل وبمحتوياته ولكن دون قصد، إلا للإثارة فلا توظيف عقلي أو ذهني في استخدامها، وإنما للزخرفة اللفظية ليس إلا، فهناك من وضع أرقاماً وظفها بصرياً وليس علمياً ولا تؤدي أي غرض. فلو قمنا برفعها من نصوصهم سنجد النصوص مكتملة ولن تحتاجها، فوجودها وعدم وجودها سيان، بينما النص عند “الجياشي” لو تم حذف علاماته سنجده مبتوراً . وهذا يعني:( إن علامات الترقيم دوال بصرية تتفاعل مع الدوال اللغوية في إتمام المعنى ، وإنتاج الدلالة ، وتنظيم المفاصل المهمة في الخطاب الشعري) التشكيل البصري في الشعر العربي الحديث/ محمد الصفراني، ص2 .
فالجياشي سوف تكون له الريادة في إستخدام العلامة الرياضية والرقمية بقصدية تامة غير بصري وتوظيفها عقلياً وعلمياً، فتشكل جزء من بنية ومحتوى النص .
ان المتأمل في نصوص الشاعر، يجد هناك تفاعل بين المعنى والمغزى من الجملة، بشكل دقيق ومتمكن ومتناغم، هذا التفاعل ينصهر في بودقة لغوية جمالية إبداعية واحدة، ويتفاعل مع سياق الجملة تفاعلاً منسجماً مع أدائها . فهو يستخدم علامة التوقف أو التأثير أو أي علامة أخرى بحرفية تامة، وهذا يعكس الجانب الإبداعي لدى الشاعر . فهو يريد ان يقول لنا أن النص الحداثوي، لايمكن تحجيمه بالتراكيب اللفظية والأستعارات البلاغية والصور الشعري فقط، بل يمكن أن تشكل العلامة الرقمية أصرة تسهم في خلق ترابط منسجم بين اللغة والصوت. فهي في نصوصه لم تخضع الى عامل الصدفة في وضعها كما يريدها البعض، بل يحسب لكل علامة حسابها الخاص حين يخضعها لرؤية متناسقة بين حداثة النص وسيميائية العلامة، وعدم المساس بفاعليتها والقواعد التي إرسيت من أجلها.
لقد أتفق علماء السيميائية واللسانيات، على أن (العلامات والدلالات لا تعني كونها مجرد محطات تنفسية بالمعنى البيولوجي للتنفس، وإنما هي وقفات معنوية وجدانية) . وقسموا علامات الترقيم في سياق وظيفتها في الكتابة ودلالاتها السيميائية الى ثلاث مجاميع :
(المجموعة الأولى:علامات النبرات الصوتية وهي:( : .. … ! ؟ = ) وهي علامات وقف أيضا، لكنها تتمتع بنبرات صوتية خاصة وانفعالات نفسية معينة أثناء القراءة.
المجموعة الثانية:علامات الوقف وهي:( . ، ؛ / ) تمكن القارئ من الوقوف عندها وقفاً تاماً، أو متوسطاً، أو قصيراً، والتزود بالراحة أو بالنفس الضروري لمواصلة عملية القراءة.
المجموعة الثالثة:علامات الحصر وهي:( « » ــ ــ ( ) [ ] ” “). تساهم في تنظيم الكلام المكتوب، وتساعد على فهمه)، هذه العلامات (النبرات الصوتية والوقفية والحصر) تعطي ديناميكية للحروف والألفاظ وتتحرك بفاعلية في النص الشعري ، ضمن ثلاثة أبعاد :
((البعد الأول:علاقة الدّوالّ والمدلولات أي: الألفاظ والمفردات بفحواها ومعناها وصورها الذهنية التي تدل عليها .
البعد الثاني:علاقة العلامات فيما بيْنَها .
البعد الثالث:علاقات العلامات بمستعمليها .)) .
ان الشعر العربي المعاصر يرتكز على المثيرات البصرية في تحفيز اللغة الشعرية، من خلال أعتماد علامات الترقيم كبؤر ارتكاز بصرية في تفعيل الجملة الشعرية، والشاعر عبر بها عن حالته النفسية التي تعتصر ذاته بهذه العلامات الترقيم، ولو تفحصنا النصوص الشعرية للشاعر “الجياشي”، لوجدنا أنها تتشح بعلامات رقمية ورياضية متعددة ومتنوعة تعكس انفعلاته، وأكثر العلامات المستخدمة في نصوصه هي:
[ /ــ] ، [+] ، [!؟؟..] ، [=] ، [!!..] ، [..] ، [/] ، [؟!] ، […] ، [×] ، [.] ، [\/\/\/] هنا لنا وقفة عند بعض العلامات الرقمية المستخدمة من قبل الشاعر الجياشي ، وفهمها ودلالاتها عند علماء السيميائية .
النقطة (.)
هي علامة دلالة سيميائية بصرية ، تؤشر على أنتهاء الدلالة وغلق فضاء الفكرة ، مع التوقف الأستراحي، بما يتناغم وينسجم مع المعنى الذي قبلها، كذلك هناك جانب إبداعي في أستخدام النقطة من قبل الشاعر “الجياشي” عندما جعل عملها يوافق معنى ما قبلها ، لان النقطة تختلف دلالاتها عبر أختلاف السياق الزمكاني ، وأختلاف الإيقاع الشعري وأمتداده التصويري،
فهي تدل على فكر مكتمل ونهائي، وعن وجود حاجز نفسي يمنع من الأنسياق وراء الرغبة الشعورية واللاشعورية فـ(تتحول رمزياً، إلى صخرة دائرية معرقلة للذات في أمتدادها الكينوني والنفسي والعاطفي، حيث تكبح لجام الحياة من الأستمرار والأنسياب والتتابع) .
علامة الحذف (…)
من أشهر التقنيات البصرية التي وظفها شعراء الحداثة في القصيدة العربية، وتوحي بعالم سيميائي بصري غير متكامل، تعبر عن فضاء الأمتداد السردي اللانهائي والتشكل والتبلور الذي يشد القارىء إلى عوالمه المفتوحة المختزلة، ليملأ فراغاته ، وتكثيف الحدث، ومن ثم تساهم في اتساع الدلالة . وأحياناً يعبر عنه بالمسكوت عنه في النص الشعري، أو فراغ في القول ممتد يختزل الكلام والحقائق، أو تقطيع الأفكار والكلام بشكل عفوي أو توقيف متعمد، كذلك تعبر عن قوة التأمل والتفكير. و”الجياشي” عندما يضعها في نصوصه تتشكل عدة معانٍ تقفز الى ذهن وخيال المتلقي فتفسح الطريق امامه في أستنطاق النص وسبر أغوار دلالات المسكوت عنه .
كذلك لها دلالة أخرى على حالة الأنقطاع والصمت، وكأن مواصلته للحياة مواصلة شكلية متقطعة لا نبض فيها ولا حياة، ولهذا أردفها بالنقط المتتالية، دلالة على التأزم الداخلي، والجمود الذي يصل حد التحجر، والتصحر، والانغلاق.
الفاصلة (،)
تمثل محطات أستراحة ووقفة كلامية قصيرة، لايحسن معها التنفس الطويل. فهي تساهم في خلق إيقاعية الجمل القصيرة تتابعاً ووصلاً واستمراراً، أو خلق إيقاعية للفكر المختلف والمتعدد أو المنساب في النص . وقد أستعملت تقنية هذه العلامة في الشعر العربي الحديث ضمن دلالاته الوظيفية والأدائية وما زالت باقية في دلالاتها البصرية القديمة دون تجديد أو أضافة عليها حصلت . فهي علامة سيميوطيقية تحيل على الفضاء الفاصل بين الذوات والأشياء والعناصر والمواضيع . كما تدل على التنوع والتعدد والأختلاف. ولا تعبر على أكتمال الجملة نهائياً، بقدر ما تعبر عن الجملة الصغرى أو المركبة أو الجملة غير المنتهية.
ولها دلالة على الخيبة الشعورية واللاشعورية، ومؤشر على الضياع والوحدة والاغتراب الذاتي والمكاني. وما يجده من عوائق وموانع تحول دون تحقيق أمنياته وأحلامه وآماله. لذا، الفاصلة البصرية بمثابة تقطعات نفسية وخيبات أمل ليس إلا.
نقطتا التوتر ( .. )
هي علامة سيميوطيقية جديدة في عالم علامات الترقيم، أُدخلت حديثاً ووظفت في الشعر العربي الحديث في أطار التلقي البصري لحسم الجدل بين الشفهي والمكتوب من خلال دلالتها البصرية على توقف الصوت مؤقتاً بسبب التوتر الذي يدفعه إلى أسقاط الروابط النحوية. نجدها بوفورة في نصوص الشاعر وظاهرة بشكل مميز. فهي المسؤولة عن (اللفظ)، الذي أعتبره علماء الأصوات (وحدة) أساسية في دراسة أية لغة في العالم. فهي لا تفيد الحذف كما يظن البعض، بل أحياناً توضع لغرض إعطاء القاريء وقتاً إضافياً للتخيل والأستمتاع بجمال النص، وقد سماها البعض بعلامة (التخيل والإبداع الجمالي)، لِما يتوالى بعدها من فضاءات التلفظ وتوالي الأفكار الإبداعية المفتوحة المتفجرة بالمهارة والأختراع الأدبي.
الاستفهــــام(؟):
تعتبر من أهم العلامات السيميوطيقية التي تحيل على سؤال الدهشة الفلسفية والحيرة الكونية، فهي علامة الترفع والأستعلاء الأفقي، ورمز للكشف والعلم والمعرفة وطلب الحقيقة،
والميل نحو التفلسف، وطرح الأسئلة التي لاجواب لها .
الإنفعال والتعجــــب(!):
تدل على التأثر الأنفعالي، أو الأستغراب أو الأندهاش أو التوتر، بل يمكن تسميتها بعلامة المواقف الذاتية والموضوعية.أي: تؤشر أيقونياً على فضاء المواقف والأزمات النفسية الشعورية والأنفعالية واللاشعورية. وقد وظفها الشاعر في نصوصه للدلالة على حالة أنفعال متسمة بالتعجب والحيرة.
الشاعر “الجياشي” تمتزج في نصوصه الدهشة بالتساؤل [؟!] فيتجاوز علامتا التعجب والأستفهام، وهذا يشير إلى تطرف في مشاعر التعجب والخوف والقلق والأضطراب والحزن .
الخط الأعتراضي المائل أضافة الى الخط الصغير المجانب له [ /ــ] ، هذا الجانب (العوارض المائلة) يعمل عليها “الجياشي” وفق ما يسميه (التراكمية السببية) وتشظياتها وهي أسلوبية شعرية ينفرد بها الشاعر وهذا ليس بحالة إبداعية بقدر ماهي أكتشاف وسائل تعبير تبعد الشاعر عن التضخم اللغوي في كتابة النص الشعري من خلال الأختزال والتكثيف مع الأتساع في إيجاد وسائل تعبيرية ترشق النص الشعري مع المحافظة على الأثر الشعري فيه .
أن الاسلوبية الشعرية للشاعر “جاسم آل حمد الجياشي” يصفها الناقد الدكتور “المصطفى بلعوام” على أنها (مغامرة “ذات”في اللغة وما دون اللغة لإخراج الشعر من سلطة الملفوظ اللغوي عليه، إنها مقامرة في عالم شعرية التعبير الذي لا يتحدد في وجوده باللفظة أو المفردة) . “الجياشي” يعمل على تفكيك العناصر الداخلية للنص ثم إعادة تركيبها من خلال أعتماد الرموز الرياضية والأشكال الهندسية التعبيرية.
معها
سأحمل قنديلي ..+
أملي + صبري = أحلامي
للعثووووووور…
عليكِ ….أيــــــــــن انتِ ؟؟؟؟
اذا رفعنا العلامات سيختلف معنى الومضة .
أتعلم /ــ ما الذي يحصل
تحت هذي الارض
حين تُقرع طبول الحرب
في ليلِ عرس الشياطين اللئيمة !
لغطٌ /ـ عويل /ـ صراخٌ
بملء فم موتى
حروبنا العقيمة !
وأنا /ــ أرددُ
بصمتٍ مدوي !!
حكايا أبي عن بيتنا
عن حينا /ــ عن أرضنا
عن حضاراتٍ
كانت هنا !
ياليتنا /ــ ياليتنا
ي
…ا
…..ل
……..ي
…………ت
……………..ن
………………….ا
*****
حب + أم = كون
لو رُفعت العلامات لوجدتها مفرغة من محتواها وستكون بالشكل التالي:
حب .. أم .. كون
فلا تعني شيئاً بدون العلامة والتي وضعت بقصدية فتحولت الى لغة .
الجياشي في رؤيته الشعرية يطرح أشكالية كونية تبدء من اللفظة التي هي البذرة الأولى للغة وتنتهي بالحياة ، فهو يبحث عن وسائل وتراكيب تضاف إلى النص تنحى منحى لغوياً تتسع الحياة ، وأعطاء للغة قوة إيحائية تمكنه أن يجعل من علامات الترقيم والعلامات الرياضية معادل موضوعي . البعض يستخدم التيبوغرافي كشكل بصري ، أما الجياشي فيستخدم كل علامة بقصدية ويوظف المعنى المراد منها أو تكون خادمة للمعنى وهذا غير المعنى من إستخدام التيبوغرافي البصري .
الجياشي يكتب نصوصه وفق منهج عربي خالص لايعتمد باي شكل من الأشكال الى المناهج الغربية ويصلح فيه العمل على جميع النصوص التي تتوفر فيها التراكمية السببية وهي كثيرة ولكن كتابها لايعلمون .