دراسات و مقالات

التحليل النقدي لقصة لقصة “حرامي” للقاص سليم محمد غضبان

علي البدر

 القصة:
اعتاد على الجلوسِ خلفَ مكتبه بصفته مديرمُحصّلي فواتير استهلاك الكهرباء. دَخَلَ عليه، يومًا ما، أحد المستهلكين الفقراء (س) يحتجّ على فواتيره البالغة حوالي ٣٥٠ دولارًا. أفاده المدير،أن بُد من الدفع ، و أن الدفع يجب أن يتم في العاصمة لأن الفواتير تمّ تحويلها الى هناك لمرور فترة طويلة على عدم دفعها. و كانت حُجة المستهلك س بأنه كان مسافرًا ضعيفةٌ أمام المدير. أخبر المديرُ المُستهلكَ، أنه سوف يُقدّمُ له خدمةً، و هي أن يقوم شخصيًّا بدفع المبلغ بنفسه في العاصمة ليوفر عليه شقاء الطريق. و طلب منه أن يدفع له أيضًا أجرة الطريق بالتاكسي ذهابًا و إيابًا سلفًا. المهم، صدّقَ المستهلك ذلك و دفع له حوالي ٤٠٠ دولارًا.
بعد عدةِ أعوام، فوجئ المستهلك س بنفس الفواتير القديمة هذه مسجلة
للتحصيل، و أن عليه الذهاب الى العاصمة لدفعها!.
بما أن المستهلك س مريض بالقلب، بدأ يحسُّ بنخزٍ فيه، واعترته مسحةٌ من كآبة. لكنه كان شديد الحسمِ. في النّهارُ التالي، دخل المستهلك س مكتب المدير مُقتحمًا. كان في يده مسدّس!.
2) ألتحليل النقدي:
سرد أراد كاتبه بيان حادثة سلبية أسقطها على أحد الأشخاص “س” مستعملاً ضمير الغائب حيث بدا السارد كمراقب وموثق للحدث. ومن التفاصيل يبدو أن هذه الحادثة واردة وممكن الإقتناع بحدوثها وبالطبع لايشترط أن تكون في دائرة الكهرباء فقط، وهذه أمراض ابتلينا بها نتيجة التعقيدات والنظام الروتيني في دوائرنا وأيضاً عدم الخوف من العقاب خاصة إن كان الموظف وسط شلة من الفاسدين، مات ضميرُها وأصبح همها استغلال المواطن.
والقصة بدا عليها الطابع السردي الحكائي، خاصة عندما تنساب المعلومة التي تشكل مفاصل الثيمة، بطريقة مجانية. وكان من الممكن استبدال الحرف باسم أي شخص وهمي لكنه أضعف النص خاصة عند تكراره، وبالإمكان الإكتفاء بجملة “وكانت حجة المستهلك…” حيث يُترك للقاريء ربط الرمز، وهذا نوع من مشاركة المتلقي في متابعة وفهم النص.
لقد أراد القاص مفاجأتنا ضمن حدثين. الأول أن المبلغ قد تكرر ولم يسدد والثاني أنه هجم على الموظف بمسدس. ومن حق المواطن أن يتفاجأ بتكرار المبلغ ولكن من غير المعقول أن يكون بعد عدة سنوات. ونتساءل: كيف يتمتع المستهلك بالكهرباء وهو مديون لعدة سنوات؟ ألم يُقطع التيار عنه؟ أما المسدس فهو تعبير عن غضب المستهلك الذي انبرى يأخذ حقه بيده في الوقت الذي زجَّ نفسه بمخالفات قانونية توصله إلى السجن.
وقد نبرر ما حدث حيث أن القاص “سليم محمد غضبان” أراد أن يفهمنا بأن المستهلكَ ساذجٌ وعلى نيّاته كما يقولون فقد تطابق دفع المبلغ مع ” أجرة الطريق بالتاكسي ذهابًا و إيابًا سلفًا”، مع سلوكه غير العقلاني بآقتحامه غرفة الموظف وإشهار المسدس عليه. وكأن القاص يحذرنا من التغافل وإنما يجب علينا التفكير وعدم التصديق بالمقابل دائماً. أما عتبة النص فحسب رأيي المتواضع أنها اختيار ذكي من القاص، فالحرامي هنا هو حرامي النهار ويسرقنا علناً وهم كثيرون، يبدو عليهم الوقار من خلال لبسهم ومناصبهم في دوائرهم. ومن الممكن لنا أن نتجنب حرامي الليل بغلق أبواب بوتنا لكي لا يسرقنا ونحن نغط في نوم عميق. وعليه فأن حرامي النهار إنسان بشع يبيع ضميره ويستغل الآخرين بوضح النهار، ولكن بالتأكيد ليست إلى ما لا نهاية..

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى